أثار التدشين السريع والمفاجئ لمشروع محور قناة السويس الجديدة جدلا كبيرا في الشارع المصري، وطرح تساؤلات إزاء جدواه ومن خطط له، لا سيما أنه كان واحدا من المشروعات التي أطلقها الرئيس المعزول محمد مرسي. ووفق خبراء، فإن المشروع لا يمكن نسبته لأي من مرسي أو السيسي، لأنه طرح على الرئيس الراحل أنور السادات في سبعينيات القرن الماضي ولكنه رفضه لأسباب جيوإستراتيجية.
ومن المقرر ان تفتتح مصر “قناة السويس الجديدة” في 6 أغسطس/اب 2015.
إذا، هل ستجني القناة “أرباحا” فورية، وهل ستعوض “التكاليف” التي بلغت نحو 8 مليارات دولار خصوصا وأنه يوجد مشاريع عملاقة تشكل تهديدا مباشرا لإستمرارية قناة السويس؟ كثيرة هي التساؤلات المثارة حول المشروع، الذي أعلنت مصر أنه سيجلب لها حوالي 100 مليار جنيه عام 2023. وبعيداً عن حالة الاستقطاب السياسي بين جمهور يؤيد بعضه نظام الحكم القائم ويرى المشروع فاتحة خير، وجمهور أخر يرى أنه عديم الفائدة، بين هذا وذلك نرصد 10 مغالطات حول مشروع “قناة السويس الجديدة” :
إنها تفريعة وليست قناة جديدة
يبلغ طول التفريعة التي تم حفرها 35 كيلومتر فقط من إجمالي طول القناة البالغ طولها 193 كيلومتر. وبالتالي فإن المشروع الجديد هو تفريعة عن القناة الأصلية ولا يمكن النظر إليها بأي شكل من الأشكال على أنها قناة جديدة وبديلة عن القناة الأساسية.
ولا تعد هذه التفريعة هي الأولى لقناة السويس، فوفقاً لموقع الهيئة العامة للاستعلامات فقد سبقتها 6 تفريعات أخرى:
– تفريعة “بورسعيد” وهي الأطول حيث تمتد 40.1 كم وتم حفرها عام 1980.
– تفريعة “البلاح” ويصل طولها إلى 8.9 كم وتم الانتهاء منها عام 1955.
– تفريعة “التمساح” بطول 4.3 كم وقد تم حفرها عام 1980.
– تفريعة “الدفرسوار” ويصل طولها إلى 8.4 كم وقد تم عملها في 1980.
– تفريعة “البحيرات” وتمتد إلى 11.8 كم وقد تم حفرها عام 1955.
– تفريعة “كبريت” بطول 7.0 كم وقد تم حفرها عام 1955.
حفر التفريعة الجديدة لن يؤدي إلى زيادة عدد السفن العابرة
خرجت شبكة “بلومبيرغ وهي واحدة من أهم وأضخم وكالات الأنباء الاقتصادية في العالم، بعنوان لافت 5 أغسطس / آب 2015، تقول فيه إن حفر وتوسعة قناة السويس الجديدة التي نفذتها مصر بتكلفة تجاوز 8 مليارات دولار، “لا يحتاجها العالم” لأنها تهدف لزيادة الطاقة الاستيعابية للقناة بينما القناة أصلا ليست مزدحمة ولا تستدعي ذلك. ورأت أنه ليس ثمة جدوى اقتصادية من التوسعة الجديدة التي تهدف إلى زيادة الطاقة الاستيعابية للقناة، وأنها لن ترفع من إيرادات القناة، ولا الحركة التجارية فيها.
تعمل قناة السويس اليوم بأقل من نصف طاقتها الإستيعابية القصوى والبالغة 98 سفينة يومياً، فالمتوسط الحالي هو عبور 47 سفينة يومياً فقط وفق تقارير مرفق هيئة قناة السويس. وبالتالي، فإن حفر “قناة السويس الجديدة” أو التفريعة الجديدة – وإن أدى إلى زيادة الطاقة الإستيعابية للقناة – فهو لن يزيد عدد سفن العبور كما أعلنت الحكومة المصرية مراراً وتكراراً خلال ترويجها للمشروع الجديد.
وبحسب موقع “هيئة قناة السويس” سيسهم المشروع في مضاعفة إيراداتها السنوية من 5.3 مليار دولار حالياً إلى 13.3 مليار دولار بحلول عام 2023، أي زيادة عائد قناة السويس بنسبة 259% عام 2023 نتيجة إنشاء التفريعة الجديدة. وبما أنه لن تكون هناك زيادة في أعداد سفن العبور عن الطاقة الاستيعابية القصوى لقناة السويس قبل إنشاء التفريعة، فلو زادت السفن العابرة إلى 80 سفينة، فلن يكون الفضل في ذلك للتفريعة الجديدة، فذلك الرقم يمكن أن يمر في القناة حاليا.
قناة السويس الجديدة لن تسمح بمرور السفن ذات الحمولات الكبيرة
لطالما صرحت الحكومة المصرية بأن قناة السويس الجديدة ستسمح بمرور السفن ذات الحمولات الكبيرة، ولكن الغاطس المسموح به لم تتم زيادته وهو 66 قدم على طول قناة السويس. وبالتالي فإن السفن الكبيرة لن تستطيع المرور كما هو مُصرح به.
القناة لم تصبح إزدواجية
يعتقد البعض بأن قناة السويس الجديدة أصبحت مزدوجة الاتجاهين في كامل مسارها بعد حفر التفريعة الجديدة، ولكن الحقيقة هي أن 50% فقط من طول القناة مزدوج الاتجاه وليس كامل خط القناة.
الإعقاد الخاطئ بأن زمن إنتظار عبور السفن أصبح صفراً
تعبر السفن قناة السويس في قوافل وعلى هذه القوافل الإنتظار حتى تمر القافلة المقابلة والمعاكسة في الإتجاه وقد قلت مدة الإنتظار إلى 3 ساعات. ولكن إذا فات السفينة الراغبة في العبور الموعد الثابت لتحرك القافلة فعليها الإنتظار 24 ساعة حتى موعد عبور القافلة التالية.
الإسراع في المشروع لن يعجل من العائدات
أعلنت الحكومة المصرية بأن الإسراع في تنفيذ مشروع “قناة السويس الجديدة” وضغطه في سنة واحدة سيعجل من وصول العائدات من المشروع، بينما الدراسة الاقتصادية المبنية على الواقع لا تؤيد هذا الاستعجال على الاطلاق.
كما أن الإفتخار بتشغيل 75% من كراكات العالم في هذا المشروع نتيجة الضغط الزمني واعتباره تحديا وانجازا، تسبب في زيادة تكلفة المشروع بملياري دولار نتيجة هذا القرار الخاطيء.
تكلفة المشروع الحقيقية هي 12.5 مليار دولار
بلغت تكلفة التوسعة الحالية بحسب التصريحات الرسمية 60 مليار جنيه مصري أي ما يعادل 8 مليار دولار. ولكن التكلفة الحقيقية هي أعلى من ذلك بكثير، فالحكومة سقتوم بتسديد فوائد على المبلغ المُقترض بنسبة 60% خلال 5 سنوات بإجمالي 36 مليار جنيه، ليصبح المبلغ الذي ستتحمله خزينة الدولة 100 مليار جنيه (12.5 مليار دولار).
الشعب المصري ليس مساهماً في المشروع إنما هو مُقرض فقط
إن اعتبار الشعب المصري مساهما في مشروع حفر تفريعة جديدة نتيجة شراء شهادات قناة السويس هو تضليل كبير، فالحقيقة أنه مقرضا للدولة بفائدة 12% وهي أعلى بكثير من فائدة حسابات الادخار البالغة 7% سنويا، وأعلى من فائدة صناديق الودائع البالغة 10%، وأعلى من أذون الخزانة البالغة 11%.
وقد رفعت هذه الفوائد العالية تكلفة المشروع من 60 مليار جنيه إلى 100 مليار جنيه (12.5 مليار دولار)، والشعب بأكمله سيتحمل كلفة تسديد هذا الدين، أما أصحاب الشهادات فسيأخذون أموالهم بالفوائد سواء ربح المشروع أم خسر دون أي مخاطرة.
وكان من الممكن إستخدام جزء من الفائض الإئتماني الراكد في البنوك والبالغ 600 مليار جنيه (75 مليار دولار) بعائد أقل بكثير.
الخلط بين مشروع إنشاء التفريعة ومشروع تنمية محور قناة السويس
الفكرة الأساسية التي طرحت لمشروع تطوير”قناة السويس الجديدة” في عهدي مبارك ومحمد مرسي، كانت تركز على توسيع القناة مع إقامة مشاريع لتنمية إقليم القناة ككل كي تتحول إلى منطقة لإصلاح السفن إضافة إلى إنشاء مناطق صناعية على جانبي القناة، مثل ميناء جبل علي بدبي.
إن الخلط بين مشروع إنشاء التفريعة الجديدة ومشروع تنمية محور قناة السويس وجعلهما مشروع واحد هو من أبرز المغالطات حول هذا الموضوع. فهما مشروعان منفصلين وليس مشروعاً واحداً كما تروج الحكومة المصرية وهما غير متوقفين على بعضهما الآخر.
فالعائد الاقتصادي المدروس لمشروع تنمية محور قناة السويس هو عائد ممتاز جدا، وكان يجب البدء الفوري فيه، أما العائد الاقتصادي للتفريعة فهو غير ذات جدوى لمدة عشر سنوات.
محاولة تجميع الشعب حول مشروع قومي فاشل
صرح العديد من السياسيين بأن هدف المشروع هو تجميع الشعب على مشروع قومي وحث المصريين على الإلتفاف حوله، ولكن اختيار المشروع الخطأ في هذا الوقت، وانعدام الجدوى الاقتصادية منه والاستعجال في إنشائه وسوء تمويله سوف يؤدي إلى اصابة الشعب بالاحباط مثل مشروع توشكى الفاشل جنوبي مصر. فلن تكون هناك عوائد متناسبة مع ما أنفق فيه، وقد ازدادت مديونية الدولة بمائة مليار جنيه (12.5 مليار دولار)، وكان الأولى اختيار مشروع ناجح ذو عائد كبير وحساس للشعب.
نعم نعم
محسوبون على النظام المصري ينتقدون قناة السويس الجديدة
http://goo.gl/LL3cJt