كان ياما كان في قديم العهد والزمان، كانت هناك فتاة تعيش بمفردها مع والدتها وكانت ترتدي فستان أحمر دائمًا ولذا كان كل من يعرفها يناديها باسم ذات الرداء الأحمر.
قالت الأم: حبيبتي
ليلى: نعم يا أمي!
الأم: تعرفين أن جدتك مريضة، هلا تأخذين لها تلك السلة فيها كعك وأعشاب طبية جمعتها من الغابة.
ليلى: بالطبع سأخذها يا أمي.
وكما هي عادة الفتاة الصغيرة فقد كانت ترتدي فستانها الأحمر ووضعت قبعتها على رأسها وانطلقت في طريقها إلى بيت الجدة، ونصحتها والدتها أن تسلك طريق غابة الأرانب ولا تتعمق في داخل الغابة.
وفي الطريق لم تلاحظ ذات الرداء الأحمر أية أرانب فتساءلت بينها وبين نفسها: يا ترى لماذا يسمونها غابة الأرانب ولم يصادفني أرنب واحد على الأقل!؟
أثناء سير ذات الرداء الأحمر وجدت طريق جميل مزين بالأزهار الرائعة على جانبيه، كانت الأزهار ذات ألوان خلابة وساحرة، فأخذت الفتاة في جمع الزهور لجدتها ولم تنتبه وهي تغوص في أعماق الغابة.
وفجأة وهي منغمسة في جمع الزهور سمعت صوت غريب يأتي من خلف الأشجار، وفي لحظة خاطفة قفز أمامها ذئب ضخم ذو أنياب حادة متوحشة.
شعرت الفتاة بالخوف الشديد عندما رأت الذئب فجأة أمامها، فسقطت منها سلة الطعام الخاصة بجدتها، اندفع الذئب على السلة بسرعة وبدأ في جمع الكعك وترتيبها وأعادها إلى ذات الرداء الأحمر مما جعلها تتعجب من تصرفه اللطيف معها بالرغم من شكله المتوحش.
قالت ليلى: شكراً لك.
فسألها الذئب: إلى أين أنتِ ذاهبة أيتها الصغيرة؟
ليلى: إلى بيت جدتي الأصفر في نهاية الغابة، إنها مريضة الآن سأخذ لها بعض الكعك وبعض الأعشاب الطبية.
الذئب: حقاً؟!
ليلى: نعم، ويمكنك مناداتي بذات الرداء الأحمر، الجميع ينادونني بهذا الاسم.
الذئب: سأذهب لأخبر جدتك بأنك قادمة لزيارتها، وأنتِ خذي وقتك بقطف الأزهار لها.
في نفس اللحظة دوى صوت بندقية صياد وسمعته الفتاة والذئب ففر الذئب هاربًا، ونظرت ليلى ذات الرداء الأحمر حولها فاكتشفت أنها أنها قد أضاعت الطريق فجلست مكانها تبكي وسمعها الصياد فجاء إليها.
قال الصياد: ماذا تفعلين هنا وحدك أيتها الصغيرة؟ هذا الطريق خطير، هناك ذئب متوحش وأنا أحاول الإمساك به.
أحست الفتاة أنها ارتكبت خطأ كبير لأنها لم تستمع إلى كلام أمها وتنتبه إلى طريقها فابتعدت عن غابة الأرانب، ولذلك قررت أن تلتزم الصمت ولم تخبر الصياد أنها رأت الذئب حتى لا تعرف والدتها وتغضب.
ليلى: أنا ذاهبة لمنزل جدتي التي تسكن في نهاية الغابة لأخذ لها الكعك، لكن أضعت الطريق.
الصياد: حسنًا يا صغيرة سأرافقك إلى منزل جدتك.
ليلى ذات الرداء الأحمر تصل إلى منزل الجدة
سارت ليلى ذات الرداء الأحمر بصحبة الصياد إلى بيت الجدة، ولكن الذئب كان قد سلك طريق أقصر ووصل قبلهما إليها ثم دق على بابها ضربات خفيفة وعندما سمع الجدة تسأل من بالباب، غير صوته ثم قال: إفتحي يا جدتي أنا ذات الرداء الأحمر جلبت لكي الكعك وبعض الأعشاب الطبية التي جمعتها أمي.
قالت الجدة: الباب مفتوح يا طفلتي الجميلة، يمكنك الدخول.
ظهرت أنياب الذئب وهو يبتسم بمكر قبل دفع الباب والدخول إلى المنزل، فقد نجحت خطته الشريرة، ودخل الذئب إلى بيت الجدة ثم وصلت ذات الرداء الأحمر بصحبة الصياد.
الصياد: هيا أيتها الصغيرة عليك ان تدخلي إلى منزل جدتك بسرعة.
ابتسمت ليلى ذات الرداء الأحمر للصياد وودعته، ثم عاد إلى الغابة مجددًا، أما ليلى فقد طرقت الباب، وسمعت صوت جدتها يأتي من الداخل قائلة، من هناك؟
ليلى: أنا ذات الرداء الأحمر يا جدتي.
الجدة: الباب مفتوح يا طفلتي الجميلة، يمكنك الدخول.
شعرت ليلى بالحذر بعض الشيء، فقد كان صوت الجدة مختلف عن الصوت الذي تحفظه جيدًا، ولكنها قالت ربما يكون المرض هو السبب في ذلك.
فتحت ليلى الباب ودخلت إلى المنزل وهي مترددة، كان الذئب المتوحش يرتدي ثياب الجدة وينام في فراشها وقد أغلق ستائر الغرفة لتصبح مظلمة ولا تلاحظ الفتاة أي شيء.
قال الذئب بصوت الجدة: أشكرك يا عزيزتي لأنك قطعتي كل هذه المسافة الطويلة وجئتي لزيارتي، اقتربي مني لكي أضمك قليلاً، اقتربي يا طفلتي، هيا اقتربي أكثر.
تركت ذات الرداء الأحمر السلة بجانبها على الأرض، ولكنها توقفت مكانها ولم تقترب من السرير حيث لاحظت أن الجدة تغيرت عن المرة الأخيرة التي زارتها فيها.
سألت ليلى: لماذا ذراعاك طويلتان جدًا يا جدتي؟
الذئب: لكي أستطيع أن أعانقك يا طفلتي.
ليلى: وأذنيك لماذا هما كبيرتين أيضًا؟
الذئب: لكي استطيع أن أسمع صوتك جيدًا.
ليلى: حتى عينيكي كبيرتين جدًا.
الذئب: لكي أستطيع أن أراكِ بصورة أفضل.
ليلى: ولما أسنانك حادة جدًا يا جدتي؟
قال الذئب بصوته الحقيقي: لكي أستطيع أن آكلك بشكل أسرع.
قام الذئب المتوحش من السرير وقفز باتجاه ليلى ذات الرداء الأحمر، والتي عرفت أنه الذئب الذي قابلها في طريقها داخل الغابة هو الذي يحاول التهامها الآن.
صرخت ليلى قائلة: النجدة ساعدوني.
كان الصياد مازال قريبًا من منزل الجدة ولم يبتعد كثيرًا فسمع صوت الفتاة تستغيث، فذهب إليها بسرعة ودخل إلى البيت وامسك بالذئب الشرير وهو يقول: أخيرًا أمسكت بك أيها الذئب الشرير ولم تنجوا هذه المرة، وبعدها شق الصياد بطن الذئب وأخرج الجدة وأنقذ حياتها.
قالت ليلى: شكراً أيها الصياد لأنك أنقذتنا من الذئب.
أجاب الصياد: لا شكر على واجب، ولكن من الآن اتبعي نصيحة والدتك ولا تهمليها أبدًا.
اكلت الجدة العجوز الكعك وشربت الأعشاب التي أحضرتها لها حفيدتها الصغيرة، فعادت لها صحتها على الفور وطلبت من الفتاة أن تعدها ألا تسمح لأحد أن يخدعها مرة أخرى، فوعدتها ذات الرداء الأحمر بذلك وذهبت في طريقها لتعود إلى المنزل.
وفي طريق عودتها وهي تغني وترقص قابلت الذئب ولكن هذه المرة كان ينظف غابة الأرانب كما أمره الصياد عقابًا له على أفعاله السيئة، والذي شعر بالخجل من ذات الرداء الأحمر التي أكملت طريقها دون أن تلتفت إليه وقد عادت غابة الأرانب جميلة كما كانت وآمنة وتمتلئ بالأرانب السعيدة.