الـ”تسريبات الحكومية”… تتكون الحكومة من مجموعة أشخاص بصلاحيات إستثنائية في الدولة، ومن أهم مسؤولياتها التأكد من أن حقوق الإنسان سوف تُحتَرَم لجميع مواطينها. ولكن بعض الأشخاص يقومون بعمليات سرية تتناقض مع قوانين البلد ولا تتم مسائلتهم لأنهم موظفين حكوميين.
وفي معظم الأحيان تتم هذه العمليات بعلم وموافقة رئاسة الحكومة، لهذا لا تقوم الحكومة بفضح هذه الممارسات حتى لا تفقد شرعيتها، وهذا يؤدي إلى ظهور المخبرين الذين يقومون بتسريب تفاصيل هذه الأفعال الغير الشرعية.
وتعد هذه الـ”تسريبات” غاية في الأهمية لأنها تُظهِر للعامة الصورة الحقيقية لحكومتهم. إلكيم إذا لائحة بأهم وأسوأ تسريبات عن حكومة الولايات المتحدة الأمريكية في العقود القليلة الماضية:
تسريبات سجلات الحرب في «WikiLeaks»
يُعتَبَر موقع «WikiLeaks» من أكبر المواقع على شبكة الإنترنت في نشر الـ تسريبات السرية حول الجرائم التي ترتكبها كبار الشخصيات والحكومات ضد شعوبهم. ففي عام 2010 قام الموقع بنشر آلاف الوثائق العسكرية والسرية حول حقيقة حرب الولايات المتحدة الأمريكية على العراق وعلى أفغانستان. ومن أهم ما تم تسريبه هي إثباتات تؤكد تجاهل الجيش الأمريكي للإنتهاكات التي إرتُكِبَت في حق السجناء العراقيين الأبرياء، أما في أفغانستان فقد قُتِل الكثير من المدنيين الأبرياء على يد قوات التحالف ثم قامت القوات الأمريكية بتصنيفهم على أنهم مقاتلين أعداء لتبرير مقتلهم أثناء الحجز.
فضيحة بلايمغيت
تدور فضيحة بلايمغيت «Plamegate» حول الكشف عن هُويّة عميلة تابعة لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية من قبل البيت الأبيض والأحداث التي أدت إلى ذلك. ففي عام 2003 كانت إدارة الرئيس جورج بوش مصممة على غزو العراق وكانت على إستعداد للقيام بأي شيء لتبرير حربها. وقد زعمت بأن مراقبي الأمم المتحدة قد فشلوا بمنع صدام حسين من إمتلاك أسلحة دمار شامل وبأنه كان على علاقة مع تنظيم القاعدة وبأن العراق قام بشراء كميات من اليورانيوم من النايجر.
وعندما قام الدبلوماسي الأمريكي «جوزيف ويلسون» بدحض هذه الإدعاءات، سرّب إثنان من كبار مساعدي «جورج بوش» وهما «لويس ليبي» و«كارل روف» معلومات نُشِرت في صحيفة «Washington Post» تنتقد «جوزيف ويلسون» وتكشف هوية زوجته «فاليري بلايم» على أنها عميلة لوكالة المخابرات المركزية مما أدى لتعريض حياتها للخطر.
هجوم طائرة الأباتشي
في عام 2007 قام موقع «WikiLeaks» بنشر مقطع فيديو إلتقطه طاقم طائرة أباتشي أمريكية خلال قيامهم بإطلاق النار على مجموعة مدنيين عراقيين عُزّل لا يشكلون أي تهديد للأمريكيين. ومن بين القتلى الصحافيان نامر نورالدين وسعيد شماغ واللذين كانا يعملان لحساب شبكة «ريوترز» للأنباء. ومما أثار سخط المراقبين في هذا التسريب هو قيام الجنود الأمريكيين بالضحك والإستهزاء خلال عملية قتلهم للمدنيين العُزّل !
فضيحة ووترغيت
تعتبر تسريبات فضيحة ووترغيت «Watergate» من أشهر الفضائح في تاريخ الولايات المتحدة وقد أدت إلى الإستقالة الوحيدة في التاريخ لرئيس أمريكي من منصبه. ففي شهر يونيو من عام 1972، تم القبض على 5 رجال عند وضعهم لأجهزة تنصت بطريقة غير قانونية في فندق «Watergate» والذي كان المقر الرئيسي لللجنة الوطنية الديمقراطية.
وعلى إثر ذلك، قام الصحفيان «كارل بيرنستاين» و«بوب وودوارد» بإجراء تحقيق حول الحادث أدى إلى إيجاد رابط بين الرجال الـ5 والبيت الأبيض وبأنهم كانوا يعملون ضمن عملية سرية تدعى «Deep Throat». وكانت الفضيحة الكبرى عندما ظهر للعلن قيام إدارة الرئيس نيكسون بمحاولة للتغطية على هذه العملية وأدى ذلك إلى إستقالة الرئيس في عام 1974.
تسريبات برنامج «Trailblazer»
لقد كلّف برنامج «Trailblazer» التابع لوكالة الأمن القومي 1.2 مليار دولار وكان الهدف منه مراجعة جميع الإتصالات الإلكترونية على شبكة الإنترنت والهواتف المحمولة بهدف تحسين المستوى الأمني للبلاد. ثم قام أحد المسؤولين بوكالة الأمن القومي يُدعى «ثوماس دريك» بتسريب معلومات عن هذا البرنامج وعن حجم إنتهاك خصوصية المواطنين الأمريكيين. وكان يأمل بأن تتبنى الحكومة برنامج أقل كلفة ويحترم خصوصيات المواطنين يدعى «Thinthread»، إلا أن الحكومة رفضته وتمت محاكمة «ثوماس دريك».
خطط حرب «مكرستال»
لقد أَمِل الرئيس الأمريكي باراك أوباما بإنهاء الحرب في أفغانستان بأسرع وقت ممكن، ولكن ذلك لم يحدث لعدة أسباب. فقد طلب أوباما من الجنرال «مكرستال» إجراء مراجعة شاملة عن تلك الحرب ولكن رد «مكرستال» جاء منافيًا لرغبات الرئيس وأصرّ على إرسال المزيد من القوات وإلا سوف تُخسَر الحرب.
ثم قام الصحافي «بوب وودوارد» بتسريب تقرير الجنرال «مكرستال» والمكون من 66 صفحة ونشر هذه الـ”تسريبات” على موقع صحيفة الـ «Washington Post» ليقرأه الجميع، مما أجبر الرئيس على الإنصياع لطلب «مكرستال» وإرسال المزيد من القوات.
تسريبات بريزم «PRISM»
لطالما شك الأمريكيون بتنسط الحكومة على مكالماتهم الخاصة، وبفضل بعض الأشخاص كـ«إدوارد سنودن» تم الكشف عن أدلة دامغة تثبت هذه الشكوك. فقد قام «سنودن» بتسريب معلومات غاية في السرية حول برنامج التنسط المعروف بـ”بريزم” «PRISM» والذي قامت من خلاله وكالة الأمن القومي الأمريكية بجمع الملايين من سجلات الهواتف لمستخدمين شركة «Verizon» للإتصالات وبتصريح من محكمة عليا وسرية.
وقامت صحيفتي الـ«Guardian» والـ«Washington Post» بنشر هذه المعلومات التي تفضح كيفية قيام هذه الوكالات الحكومية بالحصول على شتى المعلومات الخاصة كمقاطع الفيديو والتسجيلات الصوتية والرسائل الإلكترونية وشبكات التواصل الإجتماعي والصور إلخ. وبحسب هذه التسريبات فإن المعلومات قُدّمت من قبل شركات الإنترنت الكبرى وبدعم من البيت الأبيض.
المذكرة المُدوّية – «The Bombshell Memo»
تتعلق المذكرة المُدوّية بأحداث الـ11 من سبتمبر والتي أودت بحياة آلاف الأمريكيين على أرضهم. ومن أكثر ما فاجأ الشعب الأمريكي هو إستطاعة مكتب التحقيق الفدرالي الـ FBI منع حدوث هذا الإعتداء لو أنهم إستمعوا لعميلة الـ FBI «كولين روولي».
وبحسب التقرير فإن «كولين روولي» طلبت تفتيش منزل أحد المتورطين في أحداث الـ11 من سبتمبر قبل حدوث الإعتداء نظرًا لدفعه مبلغ 8،000 دولار لقاء دروس في الطيران. وكانت المفاجأة بأن الـ FBI رفضت هذا الطلب وحاولت جاهدة إخفاء هذه المعلومة إلا أن «كولين روولي» ذهبت إلى مجلة الـ«تايم» وقدمت لهم جميع التفاصيل المتعلقة بهذه الحادثة.
تسريبات «جيفري ستيرلنغ»
«جيفري ستيرلنغ» هو عميل مخابرات تابع لوكالة المخابرات المركزية الـCIA وهو مسؤول عن تسريب معلومات لصحيفة الـ«نيويورك تايمز» عن كيفية فشل الولايات المتحدة الأمريكية في تعطيل برنامج إيران النووي.
ففي عام 2006 قام «ستيرلنغ» في أحد عملياته السرية بتقديم خرائط غير صحيحة للإيرانيين في ما يتعلق بالبرنامج النووي بهدف تأخيره. وكانت جريمته تكمن بكيفية تسريب هذه المعلومات السرية للصحافة مما أدى لتوجيه عشر إدانات له وإعتُبِرَت هذه ضربة موجعة لوكالة المخابرات المركزية.
فضيحة كابلغيت
تسريبات Cablegate هي من صنع موقع «WikiLeaks» أيضًا حيث أنها قدمت للعالم لمحة عن كيفية تعاطي الولايات المتحدة مع الدول الأخرى من وراء الكواليس. وقد أظهرت الرسائل المزعومة حجم تجسس عملاء المخابرات الأمريكيين على الأمم المتحدة وعلى حلفاء آخرين، وعن كيفية تغاضي الحكومة عن إنتهاكات حقوق الإنسان وعمليات الفساد والإتفاقيات السرية بينها وبين دول محايدة.
بالإضافة إلى ذلك فقد كشفت ملفات «Cablegate» قيام دبلوماسييها في الخارج بالضغط على دول أخرى لإتمام صفقات تجارية مع الشركات الأمريكية. وقد أدت هذه التسريبات إلى قيام العديد من السياسيين الأمريكيين بالمطالبة بمقاضاة مؤسس «WikiLeaks» معتبرين إياه إرهابيًا وأنه يُشكّل تهديدًا مباشرًا للحكومة الأمريكية.