لقد حدثت بعض الإغتيالات التي هزت العالم وغيرت مجري التاريخ، ولكنها في الواقع هي جزء بسيط من العدد الفعلي لمئات محاولات اغتيال نجى منها سياسيين ومشاهير على مر السنين. وبحسب المؤرخين والسياسيين، كان سيكون لدينا تاريخ مختلف كلياً في حال لو نجحت بعض تلك العمليات الفاشلة.
هذه القائمة تبرز أهم 10 محاولات اغتيال فاشلة كانت ستغير تاريخ المنطقة لو تمت بنجاح:
جمال عبد الناصر – 1954
لقد كان الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بطل القومية العربية والعدو اللدود لاسرائيل ولهذا كان هدفاً مشروعاً للعديد من أعدائه حول العالم. وفي 26 أكتوبر 1954، كان عبد ناصر يلقي خطاباً إذاعياً مباشراً في ميدان المنشية بالإسكندرية للإحتفال بالإنسحاب العسكري البريطاني عندما أطلق عليه محمود عبد اللطيف – أحد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين – ثماني رصاصات، لم تصب أي واحدةٍ منها الهدف المرجو. اندلعت حالة من الذعر بين الجمهور، لكن عبد ناصر رفع صوته وطلب من الجماهير الهدوء، وصاح بما يلي:
” فليبق كل في مكانه أيها الرجال، فليبق كل في مكانه أيها الرجال، حياتي فداء لكم، دمي فداء لكم، سأعيش من أجلكم، وأموت من أجل حريتكم وشرفكم، إذا كان يجب أن يموت جمال عبد الناصر، يجب أن يكون كل واحد منكم جمال عبد الناصر، جمال عبد الناصر منكم ومستعد للتضحية بحياته من أجل البلاد”
تعالت صيحات التشجيع لعبد الناصر في مصر والوطن العربي بعد عملية المنشية وأتت محاولة الاغتيال بنتائج عكسية. فبعد عودته إلى القاهرة، أمر عبد الناصر بواحدة من أكبر حملات القمع السياسي في التاريخ الحديث لمصر، فتم اعتقال الآلاف من المعارضين، معظمهم من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين والشيوعيين، وتمت إقالة 140 ضابطا موالياً لـ محمد نجيب. حُكم على ثمانية من قادة الإخوان بالإعدام وتمت إزالة محمد نجيب من رئاسة الجمهورية ووضعه تحت الإقامة الجبرية من دون محاكمة، ولم يجرؤ أحدٌ من الجيش على الدفاع عنه. وبعد تحييد منافسيه، أصبح جمال عبد الناصر الزعيم الفعلي بلا منازع في جمهورية مصر.
حسني مبارك – 1995
في سنة 1995، وخلال وجوده في اثيوبيا واديس ابابا، تعرض الرئيس السابق حسني مبارك لمحاولة اغتيال تعتبر الأشهر على الاطلاق من محاولات اغتيال عديدة. فقد قام وزير الخارجية السوداني علي عثمان محمد طه بالاتفاق مع الدكتور علي النافع مدير جهاز الأمن والاستخبارات وقتها لينسقا معآ التخطيط الدقيق لاغتيال حسني مبارك اثناء حضوره مؤتمر القمة الافريقي بالعاصمة الاثيوبية. وقررا ان تتم العملية بواسطة بعض المصريين المتطرفيين ومدهم بالاسلحة والذخيرة من السودان من خلال إرسالها داخل الحقائب الدبلوماسية المرسلة إلى السفارة السودانية في أديس أبابا. بعدها تم تسليم شحنة الأسلحة إلى أفراد احد الجماعات الاسلامية المصرية والذين قاموا بالهجوم علي سيارة الرئيس المصري اثناء توجهه للمطار الاثيوبي بعد انتهاء اجتماع القمة. وفشلت محاولة الاغتيال فشلآ ذريعاً بسبب يقظة الحراس المصريين وسوء تخطيط الارهابيين.
رد الفعل المصري كان قويآ للغاية، فقد سارعت مصر باحتلال حلايب السودانية، ووضعت يدها علي جميع اراضي المنطقة وبسطت عليها نفوذها العسكري والسياسي، وتم تطبيق القوانيين المصرية عليها.
استغربت الدول العربية تصرف النظام السوداني واستنكرته تمامآ، ونددت جميع دول العالم بمحاولة الاغتيال وطالبت بردع النظام في الخرطوم. وقد قامت الأمم المتحدة بادراج اسم السودان كاحدي “الدول الراعية للارهاب العالمي” وعاقبته بشدة ومازال اسم السودان مدرجآ بهذه القائمة منذ عام 1995 وحتي يومنا هذا.
حافظ الأسد – 1980
نجا الرئيس الراحل حافظ الأسد بأعجوبة من محاولة اغتيال مدبرة بدقة وإتقان من قبل خلية زرعت في جهاز أمنه وحرسه الخاص، حين ألقى أحد أفراد حرسه الشخصي قنبلتان يدويتان استهدفته مباشرة. فقد زار الرئيس النيجيري حسين كونتشي سورية، وعند انتهاء الزيارة يوم 26 حزيران عام 1980م، كان الأسد في وداعه بقصر الضيافة في حي أبي رمانة. وعلى الدرج الضيق الخاص أمام قصر الضيافة، تقدم أحد الحراس وألقى قنبلتين يدويتين، فصُدّت الأولى وتم إبعادها، واحتضن أحد أبرز مرافقيه الثانية، وفي رواية ثانية دُفع فوقها، فلقي حتفه ونجا الرئيس!
أعلنت “الطليعة المقاتلة” وقتها أن الخلية التي حاولت اغتيال الرئيس هي أحد خلاياها وأدى ذلك إلى أحداث العنف التي شهدتها سوريا في تلك الفترة بين المعارضة السورية الإسلامية والقوات الحكومية وكانت أبرزها أحداث حماة الدموية.
صدام حسين – 1982
في 8 يوليو سنة 1982 تعرض الرئيس الراحل صدام حسين إلى محاولة اغتيال في مدينة الدجيل التي كان اغلب سكانها من الطائفة الشيعية وكانت معقل حزب الدعوة الشيعي الذي شارك في التمرد المدعوم من إيران ضد صدام حسين. وفي ذلك اليوم، كان صدام حسين في زيارة للمدينة لإلقاء خطاب يشيد فيه بالمجندين المحليين الذين خدموا في الحرب ضد إيران، واثناء استعداده للعودة لبغداد أطلق ما يزيد عن عشرة مسلحين النار عليه. قُتل إثنين من حراس الرئيس وحدثت بعد ذلك اشتباكات بالنيران لمدة أربعة ساعات وتم قتل العديد من المهاجمين وإلقاء القبض على بعضهم.
بعد هذه المحاولة الفاشلة حدث ما يسمى بمجزرة الدجيل، حيث امر الرئيس بتدمير المنازل والمباني وأشجار النخيل وبساتين الفاكهة التي يمتلكها المدانون، وتم إعدام 96 مدان، منهم 4 تم الإعلان ان إعدامهم كان على سبيل الخطأ.
خالد مشعل – 1997
في الـ 25 من سبتمبر سنة 1997 استهدف الموساد الإسرائيلي خالد مشعل بتوجيهات مباشرة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والجهاز الأمني الإسرائيلي التابع لرئيس الوزراء. قام 10 عناصر من جهاز الموساد بالدخول إلى الأردن بجوازات سفر كندية مزورة حيث كان خالد مشعل مقيماً آنذاك وتم حقنه بمادة سامة أثناء سيره في شارع وصفي التل في عمّان.
كان محمد أبو سيف أحد عناصر حماس متواجداً في نفس المكان التي تمت فيه العملية وشاهد عنصري الموساد يهربان في السيارة، وقام بملاحقتهما بعد تسجيل رقم السيارة. استمرت الملاحقة الى ان نزل عنصري الموساد من السيارة ثم قام بهاجمة أحدهم. وصل في هذه الاثناء سعد الخطاب بشكل صدفي، وقد شاهد أحد عناصر الموساد يحمل حجرا كبيرا ويحاول ضرب أبو سيف، فهاجمه وابعده عن أبو سيف وفهم على الفور بأنهم ليسوا اجانب وانما اشخاص مشبوهين. تجمع العديد من المارة الذين أرادوا مهاجمتهم بعد ان فهم الجميع بانهم اعتدوا على خالد مشعل، فسلموا أنفسهم لأبو خطاب وقادهم الى مركز الشرطة الاردنية، وطلب من الشرطة اتخاذ الحذر الشديد كونهم من الموساد الذي قد يصل لتخليصهم.
طلب العاهل الأردني الراحل الملك حسين بن طلال من رئيس الوزراء الإسرائيلي المصل المضاد للمادة السامة التي حقن بها خالد مشعل، فرفض نتنياهو مطلب الملك حسين في بادئ الأمر. ولكن عملية الإغتيال أخذت بعداً سياسياً، وقام الرئيس الأمريكي بيل كلينتون بالتدخل وإرغام نتنياهو على تقديم المصل المضاد للسم المستخدم. وصف الرئيس الأمريكي بيل كلينتون رئيس الوزراء الإسرائيلي بالكلمات التالية: «لا أستطيع التعامل مع هذا الرجل، إنه مستحيل». بعدها قامت السلطات الأردنية بإطلاق سراح عملاء الموساد مقابل إطلاق سراح الشيخ أحمد ياسين المحكوم بالسجون الإسرائيلية مدى الحياة.
جابر الصباح – 1985
في الـ 25 من مايو سنة 1985 تعرض الشيخ جابر الصباح لمحاولة اغتيال باءت بالفشل عندما كان في طريقه للذهاب إلى مكتبه في قصر السيف. وقد تمت هذه العملية عن طريق تفجير سيارة مفخخة، قُتل فيها اثنين من مرافقي الرئيس الكويتي. اعتقد الكثير من المحللين بأن سبب عملية الاغتيال الفاشلة كان موقف الكويت من حرب الخليج الأولى بين إيران والعراق، حيث أيدت الكويت العراق في الحرب ضد إيران. وكانت العملية من تدبير مناصري إيران في الحرب حيث قام بتنفيذها عضو في حزب الدعوة الإسلامية العراقي، هو «جمال جعفر علي الإبراهيمي» المعروف باسم «أبو مهدي المهندس». أما رسمياً فقد اتهمت الكويت إيران بالوقوف وراء محاولة الاغتيال.
الحسن الثاني – 1972
في الـ 16 من أغسطس سنة 1972، قام أفراد من سلاح الجو المغربي بمحاولة إغتيال الملك الحسن الثاني من خلال مهاجمة طائرة البوينغ الملكية أثناء رحلتها القادمة من برشلونة.
كان الملك الحسن الثاني ينوي قضاء قرابة شهر من العطلة في فرنسا، لكن بعد رحلة استغرقت 3 أسابيع، أخبرته المخابرات الفرنسية بتحركات غريبة داخل الجيش المغربي، فقرر العودة مسرعا. توقف الحسن الثاني بإسبانيا في مطار برشلونة برفقة حاشيته على متن طائرة بوينغ 727 وأجرى لقاء مع وزير الخارجية لوبيث برافو قبل إقلاع الطائرة إلى المغرب.
بعد دخول الطائرة الملكية إلى داخل الأجواء المغربية، اقلعت ست طائرات حربية من طراز إف 5 من قاعدة القنيطرة الجوية لتقابل الطائرة الملكية وترافقها كما تجري العادة. كانت ثلاثة من هذه الطائرات غير مسلحة، وعند الساعة 10:16 أجبرت الطائرات المسلحة الطائرات الأخرى على الإبتعاد ثم أطلقت النيران بغزارة على الطائرة الملكية. أصيبت حجرة القيادة وتعطل محركان من المحركات الثلاثة فيما تحطم المخزن السفلي واصيب بدن الطائرة بالتواءات من جراء إطلاق قذائف من عيار 20 ملم. ولكن الطائرة الملكية واصلت تحليقها رغم كل ما أصابها، فطلب أحد الطيارين الثلاثة من زميليه التنحي ليفسحا له المجال للقيام بعملية إنتحارية ولكنه فشل في ذلك واضطر إلى القفز بالمظلة.
ابدى قائد الطائرة الملكية هدوءا مصحوباً بالخداع في ايقاف الهجوم على الطائرة عند هذا الحد، فأوحى إلى مهندس الطيران في الطائرة بالتحدث عبر الراديو إلى المهاجمين، وقال لهم الأخير ان قبطاني الطائرة قد قتلا وان الملك اصيب بجروح خطيرة في عنقه. واضاف المهندس قائلا «فكروا في زوجتي واطفالي». فانسحب المهاجمون إلى قاعدتهم في القنيطرة للتسلح مجددا فيما اغتنم قائد الطائرة محمد القباج (أصبح فيما بعد قائدا لسلاح الجو) الفرصة في هذه الأثناء وهبط بنجاح بطائرة بالغة الاصابة وسط سحب من الدخان في مطار الرباط العسكري.
جرت أحداث جسيمة في المغرب في ذلك اليوم، وحدث قصف متبادل بين القوات الملكية والمعارضين ولكن عملية الإنقلاب التي سُمّيت في ما بعد بمحاولة انقلاب أوفقير أو عملية بوراق فشلت في نهاية الأمر.
الحسين بن طلال – 1959
تعرض الملك الراحل الحسين بن طلال لـ محاولات اغتيال عديدة تجاوزة الـ 18 محوالة فاشلة خلال فترة حكمه بحسب مذكرات ابنه “الملك عبد الله بن الحسين” والتي تم نشرها باسم “السلام في زمن الخطر”. وقد تمت أولى تلك المحاولات بواسطة “الاسيد” حيث كان الملك حسين آنذاك فى أواسط العشرينات من عمره وكان يعانى من التهاب فى الجيوب الأنفية يداويه بتنقيط سائل مالح فى أنفه بانتظام. وقد قام شخص ما لديه صلاحية الدخول إلى حمامه الخاص بتبديل السائل المالح بحامض الهيدروكلوريك، ولكن بحركة خاطئة وقعت الزجاجة التى تحتوى هذه المادة فى المغسلة مما أنقذ حياة الملك حسين.
أنور السادات، صاحب أكبر عدد محاولات اغتيال في سنة واحدة – 1981
لقد كانت سنة 1981 أحد أسوأ الأعوام التي مرت على الرئيس المصري الراحل أنور السادات، فقد تعرض خلالها لعدد كبير من محاولات الاغتيال. ففي 26 مارس من نفس العالم، تعرض إلى محاولة اغتيال على يد المخابرات الليبية بعد ما توترت العلاقات بسبب اتفاقية كامب ديفيد. وتم كشف خطة الاغتيال واعترف المنفذ وهو مصري يعمل في ليبيا.
وفي ابريل من نفس العام أيضاً، تعرض لمحاولة اغتيال أخرى حيث تم تغيير مسار طائرته الخاصة إلى الولايات المتحدة وبدلا من أن تتوقف في لشبونة توقفت في قاعدة عسكرية بريطانية. وكان السبب في ذلك هو تسرب معلومات استخبارية حول تدبير الليبيين لهجوم مسلح على طائرة الرئيس المصري. وكان القذافي قد رصد مبلغ 10 مليون دولار لمهمة اغتيال السادات بأي طريقة ممكنة.
وفي ذات السنة أيضاً، تم القبض على فلسطيني يحمل متفجرات لاغتيال السادات، كما تعرض لمحاولة إغتيال أخرى باستخدام بندقية مزودة بمنظار مقرب. وبعد ذلك ضُبط أحد أفراد الحرس الجمهوري كان يعمل سائقاً في رئاسة الجمهورية وهو متورط مع المخابرات العراقية لتنفيذ عملية اغتيال. وكان قد تم كشف امره قبل يومين فقط من تنفيذ الخطة، وذلك بعد أن شك أحد عناصر الامن في تصرفاته، وتم استبعاد اللواء طه زكي رئيس امن الحرس الجمهوري.
وفي 26 يوليو 1981 تعرض لـ محوالة اغتيال أخرى في الإسكندرية وذلك في احتفالات الجيش بذكرى خروج الملك فاروق، وكانت تعتمد على تفجير باص يحمل مفرقعات اثناء مرور الرئيس السادات، ولكن الخطة تم اجهاضها لشك قيادات تنظيم الجهاد في نجاحها في قتل الرئيس. وتعرض بعدها للعديد من المحاولات الفاشلة، حتى تم اغتياله بالفعل في 6 أكتوبر عام 1981 في الحادثة المعروفة بحادثة المنصة، اثناء الاحتفال بنصر أكتوبر.
عبد الكريم قاسم – 1959
لقد حكم الرئيس العراقي الراحل عبد الكريم قاسم في الفترة ما بين 1958 إلى 1963. وفي أكتوبر من سنة 1959، تعرض لمحاولة اغتيال فاشلة على يد مجموعة من المسلحين كان من بينهم صدام حسين حيث قاموا بإعتراض موكبه ثم أمطروا سيارته بالرصاص. وأصيب قاسم اثناء تلك المحاولة بجروح في يده، وحاول الدفاع عن نفسه باستخدام مسدسه الشخصي، وقٌتل في هذا الهجوم “عبد الوهاب الغريري” الذي تم صنع تمثال له في ذات المكان الذي حدثت به محاولة الاغتيال.