كشفت عدة صحف عالمية، تتصدرها الصحيفة الألمانية «زود دويتشه تسايتونج» Süddeutsche Zeitung، في 3 أبريل/ نيسان 2016 عن أكبر تسريب لوثائق سرية في التاريخ. وتوضح هذه الوثائق كيف استخدمت شخصيات عالمية وقادة دول، ومحتالون، ورياضيون، شركة الخدمات القانونية البنمية «موساك فونسيكا» Mossack Fonseca – في غسل أموال بالمليارات، وسرقة ثروات وتحويلها إلى عدة محطات، قبل أن تعود إلى المصدر.
وقد حصلت الصحيفة الألمانية على هذه الوثائق من مصدر مجهول فضل عدم الكشف عن هويته خوفاً على حياته، ثم قامت بتقديم هذه الوثائق إلى الإتحاد الدولي للصحافة الإستقصائية والذي شكل تحالفاً من 400 صحافي للتدقيق في هذه الملفات على مدار عام كامل.
ويتم إستغلال خدمات شركة «موساك فونسيكا» في ثلاثة أوجه رئيسية:
1) التهرب الضريبي
2) الإلتفاف على العقوبات الدولية المفروضة على دول أو أشخاص
3) غسيل الأموال
هذه المقالة توضح ابرز 10 حقائق يجب أن تعلمها حول اوراق بنما :
على ماذا تحتوي اوراق بنما ؟
تظهر هذه الوثائق الأساليب المتعددة التي يلجأ إليها الأثرياء لإستغلال الأنظمة الضريبية السرية خارج بلدانهم. فقد ظهرت أسماء أكثر من 143 شخصية سياسية في هذه الملفات وأوضحت كيفية قيامهم بالتعاون مع أفراد عائلاتهم وشركائهم الدوليين في إخفاء وتبييض الأموال في الخارج بعيداً عن مصالح الضرائب وإلتفافاً على العقوبات الدولية المفروضة على بعضهم. وتغطي وثائق بنما المسربة عمليات الشركة خلال فترة تمتد لنحو 40 عاما من 1977 وحتى ديسمبر/كانون الأول الماضي.
من هي «موساك فونسيكا» ؟
شركة «موساك فونسيكا» – Mossack Fonseca – هي شركة خدمات قانونية يقع مقرها الرئيسي في بنما وتعتبر من أكبر شركات المحاماة في العالم. قام بتأسيسها رامون فونسيكا بالإشتراك مع جورجين موساك. ومن أبرز الخدمات التي توفرها هذه الشركة تأسيس شركات وهمية في دول نائية كجزر العذراء البريطانية، بالنيابة عن شخصيات مرموقة تريد إخفاء أي أثر لمصادر أموالها. وتقوم الشركة بإقتطاع مبلغ سنوي من عملائها لقاء أتعابها القانونية.
أين تقع شركة «موساك فونسيكا» ؟
على الرغم من وجود المقر الرئيسي لشركة «موساك فونسيكا» في بنما، إلا أنها تقوم بتوظيف أكثر من 600 شخص في 42 دولة حول العالم، وتنشط خصيصاً في دول الملاذات الضريبية الآمنة كـ سويسرا وقبرص وجزر العذراء البريطانية بالإضافة إلى المناطق الخاضعة للتاج البريطاني كـ جزيرة مان وجيرسي وغورنسي.
أين يتم إخفاء الأموال ؟
تم الكشف عن قيام شركة «موساك فونسيكا» بتأسيس أكثر من 200،000 شركة بالنيابة عن عملائها بهدف شراء عقارات وامتلاك حسابات مصرفية بطريقة قانونية ولكن سرية بحيث لا يتم الإفصاح عن الملاك الحقيقيين لهذه الثروات. ويُظهر الرسم البياني أعلاه بأن جزر العذراء البريطانية استحوذت على نصيب الأسد وشكلت ملاذا آمناً لأكثر من 100،000 شركة.
من هم الوسطاء ؟
لا تقوم شركة «موساك فونسيكا» بالتعامل مباشرةً مع الملاك الحقيقيين لهذه الشركات، إنما تقوم بتنفيذ توصيات وسطاء كـ محاسبين ومحامين وبنوك وشركات إئتمانية تعمل بالنيابة عن الملاك الأصليين. ويتركز هؤلاء الوسطاء في أوروبا على سبيل المثال، في سويسرا والمملكة المتحدة ولوكسمبورغ.
من هم المُلاك السرّيون ؟
ما هو مصدر هذه الأموال ؟ من الصعب معرفة ذلك ويعود السبب في ذلك إلى أن أصحاب الأموال الحقيقيين عادة ما يختبئون خلف أشخاص غير معروفين يقومون بالإمضاء بالنيابة عن الملاك الأصليين. وبعد مراجعة عينة مكونة من 13،000 شخص يملكون شركات تُديرها «موساك فونسيكا» تبين أن الصين وروسيا تحتلان رأس القائمة في دول هؤلاء الأشخاص كما هو موضح في الرسم البياني أعلاه.
ما هو حجم تسريبات اوراق بناما ؟
كبيرٌ جداً… يعتبر حجم تسريبات اوراق بنما الأكبر في التاريخ حيث تجاوز في حجمه تسريبات ويكيليكس للمراسلات الدبلوماسية الأمريكية في سنة 2010 وتسريبات إدوارد سنودن لملفات المخابرات الأمريكية في سنة 2013. بإختصار شديد، تم تسريب 11.5 مليون وثيقة تفصيلية من شركة «موساك فونسيكا» تشغل مساحة 2.6 تيرابايت من البيانات الرقمية. وبحسب الخبراء فإن اوراق بنما تتمتع بمصداقية كبيرة نظراً لإستحالة تزوير 11.5 مليون وثيقة.
هل جميع أصحاب هذه الشركات محتالون ؟
كلا… السبب في ذلك هو أن إمتلاك شركات في مناطق الملاذات الضريبية الآمنة يُعتبر أمراً قانونياً، وهناك العديد من الأسباب التي تدفع الأثرياء إلى فعل ذلك. فعلى سبيل المثال يقوم بعض الأثرياء في روسيا وأوكرانيا بإخفاء ثرواتهم خارج بلدانهم خوفاً من المجمرمين وللتهرب من القيود النقدية الصارمة التي قد تعيق أعمالهم. ولكن من يجول ببصره في اوراق بنما سيتأكد سريعاً بأن الأمر يتعلق في الغالبية العظمى من هذه الحالات بأمر واحد فقط ألا وهو إخفاء هوية أصحاب الثروات الحقيقيون.
من هم أبرز الشخصيات التي وردت أسماؤهم في اوراق بنما ؟
ظهرت أسماء أكثر من 143 شخصية سياسية في هذه الملفات من بينهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف، ورئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي، وابن خالة الرئيس السوري رامي مخلوف، وابن الرئيس المصري الأسبق علاء مبارك. ويمتلك علاء مبارك شركة Pan World Investments Inc للاستثمارات في جزر العذراء البريطانية ويديرها بنك كريدي سويس. وفي 2011 طالبت سلطات في جزر العذراء البريطانية مكتب موساك فوسيكا بتجميد ممتلكات الشركة بناء على طلب قضائي من الاتحاد الأوروبي. وفي سنة 2013 فرضت السلطات غرامة قيمتها 37 ألف دولار على “موساك فوسيكا” لفشلها في التعريف على علاء مبارك كـ”عميل يشكل خطورة عالية” واعترف المكتب في أنه لم يكن قد تعرف على هوية علاء مبارك.
وبالإضافة إلى هؤلاء فقد ظهرت أيضاً أسماء بعض الرياضيين كـ ميشيل بلاتيني وليونيل ميسي الذي يخوض حالياً معركة قضائية مع السلطات الإسبانية بسبب التهرب الضريبي.
ما هو رد «موساك فونسيكا» على تسريبات اوراق بنما ؟
لا تقوم شركة «موساك فونسيكا» بالتعليق على حالات محددة مستندة في ذلك على خصوصية عملائها، ولكنها تدافع بقوة عن أعمالها وتصرح بأنها تخضع لقوانين الحد من غسيل الأموال الدولية. بالإضافة إلى ذلك فقد صرحت أيضاً بأنها تشعر بالأسى لإستغلال خدماتها من قِبل بعض الأشخاص للقيام بأعمال غير قانونية، وبأنه لا يجوز إلقاء اللوم عليها عند إرتكاب عملائها لجرائم يُعاقب عليها القانون.