ليلةُ القدر من الليالي العظيمة التي فضّلها الله -تعالى-، فقد صفها سُبحانه بأنها ليلة مباركة، وأن القرآن قد أُنزل في تلك الليلة المُباركة، وفي ذلك يقول الحقّ:”إِنَّا أَنزَلْنَاهُ في لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ”، وقيل: إنّها سُمّيت بهذا الاسم؛ لأنّها تُقدّر فيها الأرزاق الآجال، فقال-تعالى-:”فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ”، كما أخبر-صلى الله عليه وسلّم- أنّ من قام تلك اليلة؛ غُفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، فقال -صلى الله عليه وسلّم-:”من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا؛ غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر”، وكذلك أخبر الله -تعالى-: أن الملائكة تتنزّل فيها بإذن ربّهم من كُلّ أمر.
ويحرص المسلمون على تحرّيها وفق ما سنّه لنا الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، ووفقاً لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، رحمه الله، فإن ليلة القدر قد ترى بالعين لمن وفقه الله سبحانه، وذلك برؤية أماراتها، وقال: كان الصحابة رضي الله عنهم يستدلون عليها بعلامات، سنتعرف عليها في مقالنا اليوم:
الشمس بلا شعاع
أن تشرق الشمس بلا شعاع، فقد ورد عن أُبَى بن كعب فى ذكر علامة ليلة القدر كما أخبر النبي صلّ الله عليه وآله وسلم أصحابه أن أَمَارَتَهَا «أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِهَا بَيْضَاءَ لا شُعَاعَ لَهَا».. (رواه مسلم).
السكينة والطمأنينة
وحثنا رسول الله صلّ الله عليه وسلم، على استغلال ليلة القدر وورد عن السيدة عائشة رضى الله عنها قالت: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ أن وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، بِمَ أَدْعُو؟ قَالَ: «قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّى».
يرمى فيها بنجم
يرمى فيها بنجم: والدليل ما ثبت عند الطبراني بسند حسن، من حديث واثلة بن الأسقع، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إنها ليلة بلجة -أي: منيرة-مضيئة، لا حارة ولا باردة، لا يرمى فيها بنجم} أي: لا ترى فيها الشهب التي ترسل على الشياطين.
النقاء والصفاء ليلة القدر
فقد رُوي في أثرٍ غريبٍ عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه-: «أمارَةَ ليلةِ القدْرِ أنها صافيةٌ بَلِجَةٌ كأن فيها قمرًا ساطعًا ساكنةٌ ساجيةٌ لا بردَ فيها ولا حرَّ ولا يحِلُّ لكوكبٍ يُرمى به فيها حتى تُصبِحَ، وإن أمارتَها أنَّ الشمسَ صبيحتَها تخرُجُ مستويةً ليس لها شُعاعٌ مثلَ القمرِ ليلةَ البدرِ ولا يحِلُّ للشيطانِ أن يخرُجَ معَها يومَئذٍ
ليلة القدر معتدلة لا حارة ولا باردة
تكون الليلة معتدلة لا حارة ولا باردة:
قال صلى الله عليه وسلم (ليلةٌ سمِحَةٌ، طَلِقَةٌ، لا حارَّةٌ ولا بارِدَةٌ، تُصبِحُ الشمسُ صبيحتَها ضَعيفةً حمْراءَ) رواه ابن خزيمة وصححه الألبان.
يطلع القمر فيها مثل “شق جفنة
يطلع القمر فيها مثل “شق جفنة”
عن ابي هريرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ” تَذَاكَرْنَا لَيْلَةَ الْقَدْرِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ ﷺ فَقَالَ: أَيُّكُمْ يَذْكُرُ حِينَ طَلَعَ الْقَمَرُ وَهُوَ مِثْلُ شِقِّ جَفْنَةٍ”..
ليلة القدر وترية
وتكون ليلة القدر في ليلة من ليالي الوتر في رمضان، في العشر الأواخر منه؛ لحديث النبيّ -صلّّ الله عليه وسلّم: «وَقَدْ رَأَيْتُ هذِه اللَّيْلَةَ فَأُنْسِيتُهَا، فَالْتَمِسُوهَا في العَشْرِ الأوَاخِرِ، في كُلِّ وِتْرٍ».
وفضّل الله ليلة القدر على غيرها من الليالي، كما أنّ فعل الخير فيها ليس كفِعله في غيرها؛ فالعمل الصالح فيها خير من العمل في ألف شهر ممّا سواها. اقرأ أيضا: أغرب 10 طوائف دينية موجودة في زمننا هذا
نزول الملائكة أفواجًا
نزول الملائكة أفواجًا في ليلة القدر، وتكون أكثر من الحصى على الأرض، فقد قال الله تعالى:” تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ.
ورُوِي عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: «وإن الملائكةَ تلك الليلةَ أَكْثَرُ في الأرضِ من عَدَدِ الحَصَى.
ليلة القدر كأنها طست من نحاسٍ أبيض
فى بعض الأحاديث: «كَأَنَّهَا طَسْتٌ» (مسند أحمد) والمعنى: كأنها طست من نحاسٍ أبيض.
وروى عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «هِى طَلْقَةٌ بَلْجَةٌ، لَا حَارَّةٌ وَلَا بَارِدَةٌ، كَأَنَّ فِيهَا قَمَرًا يَفْضَحُ كَوَاكِبَهَا، لَا يَخْرُجُ شَيْطَانُهَا حَتَّى يَخْرُجَ فَجْرُهَا» (ابن حبان).طَلْقَة: طَيِّبةٌ لا حَرَّ فيها ولا بَرْد.بَلْجَةٌ: مشرقة.
المطر
أنّ من علامات ليلة القدر هي التي ذكرناها في الأعلى والتي فيها أن يكون الجو جيداً والريح ساكنة, والشمس ساطعة , ومع ذلك فلو نزل مطر خفيف جداً كمطر الصباح الجميل أو الخفيف , لا أن يكون هناك انخفاض جوي وهطول الأمطار بغزارة, هذا والله تعالى أعلى وأعلم. ورد في بعض الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّ من علامات ليلة القدر نزول المطر فيها، لذلك اختار بعض أهل العلم أنّه يمكن أن يكون المطر من علاماتها، وآخرون قالوا لا يعدّ من علاماتها وذلك لأن بلاد المسلمين ممتدة ولا يمكن أن تمطر في ذات الليلة فيها كلّها.
دعاء ليلة القدر
سألت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فقالت: يا رسول الله “إن وافقت ليلة القدر فما أقول فيها”، قال: قولي “اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفُ عني.
وعلّم الرسول ﷺ السيدة عائشة كيفية الدعاء، فقال لها: يا عائشة عليك بالجوامع والكوامل، قولي “اللهم إني أسألك من الخير كله، عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله، عاجله وآجله، ما علمت منه وما لم أعلم”.
وتابع ﷺ: اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، اللهم إني أسألك مما سألك منه محمد صلى الله عليه وسلم، وأعوذ بك مما استعاذ منه محمد صلى الله عليه وسلم، اللهم ما قضيت لي من قضاء فاجعل عاقبته لي رشدًا.
من روائع الدعاء في ليلة القدر:
ربنا لك الحمد، ملء السماوات والأرض وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجَد منك الجد.