علامات الساعة الكبرى ذكرت في أحاديث كثيرة عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام. إلّا أنّ ذِكره لها كان لا يقتضي الترتيب في وقوعها؛ وذلك لمجيء العطف فيها بالواو، وهو الأمر الذي لا يشير إلى الترتيب فيها، ولأنّ ترتيب العلامات يختلف من حديثٍ إلى آخر.
فقد كانت مسألة ترتيب علامات الساعة الكُبرى قابلة لاجتهاد العلماء، إلّا أنّهم اتّفقوا ابتداءً على أنّ خروج النار هي آخر العلامات. سنقوم بعرض أبرز عشر علامات اتفق عليها جميع العلماء و المفسرين.
خروج المسيح الدجال
يُسمّى بالمسيح الدجّال؛ لأنّ عينَه اليسرى ممسوحة؛ أي أعور، قال رسول الله: (الدَّجَّالُ مَمْسُوحُ العَيْنِ)، وقِيل لأنّه يمسح الأرض كلّها، ويسير فيها، أمّا دجّال؛ فلأنّه كذّاب، ومُحتال، وقد وصف رسول الله فتنة الدجّال بأنّها أخطر فتنة تمرّ على البشريّة، إذ قال: (ما بيْنَ خَلْقِ آدَمَ إلى قِيَامِ السَّاعَةِ خَلْقٌ أَكْبَرُ مِنَ الدَّجَّالِ).
ظهور الدجال؛ لقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه حذيفة بن أسيد الغِفاري، قال: «طّلع النبي صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر، فقال: «ما تذاكرون؟» قالوا: نذكر الساعة. قال: «إنها لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آيات؛ فذكر: الدخان، والدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى ابن مريم عليه السلام، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم» (رواه مسلم).
من علامات الساعة الكبرى نزول عيسى
نزول عيسى من علامات الساعة الكُبرى نزول عيسى -عليه السلام-؛ لقول رسول الله: (لا تقومُ السَّاعةُ حتَّى ينزِلَ عيسَى ابنُ مريم)، وهو مربوع القامة، سَبِط الشَّعر؛ أي طويل لين ليس بأجعد، أبيض يميل إلى الحمرة، عريض الصدر، وقد وصفه رسول الله بقوله: (رَأَيْتُ عِيسَى رَجُلًا مَرْبُوعًا، مَرْبُوعَ الخَلْقِ إلى الحُمْرَةِ والبَيَاضِ، سَبِطَ الرَّأْسِ)، ويمكث في الأرض أربعين سنة يملأ الأرض خلالها عدلاً وأماناً، ويقتل الدجّالَ، ويَكثُر المال في عهده حتى يَفيض.
خروج يأجوج ومأجوج
يأجوج ومأجوج قبيلتان من البشر من ذريّة يافث، وهو من ولد نوح -عليه السلام-، وقد جاء أصل تسميتهم من أجيج النار إذا التهبت، أو من الأُجاج؛ وهو الماء المالح الحارق؛ لشدّة ملوحته، وخروجهم آخر الزمان من علامات الساعة الكُبرى؛ إذ دلّ على ذلك قوله -تعالى-: (حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ* وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ)، ومن صفاتهم الخَلقيّة أنّهم صغار العيون، وجوههم عريضة، وشَعرهم أصهب* اللون، وقد وصفهم رسول الله بقوله: (وإنَّكم لن تزالوا تُقاتِلونَ حتَّى يأتيَ يأجوجُ ومأجوجُ عراضُ الوجوهِ صغارُ العيونِ صهبُ الشِّعافِ ومن كلِّ حَدَبٍ ينسِلونَ كأنَّ وجوهَهم المَجانُّ المطرقةُ).
يستمرّ يأجوج ومأجوج بالإفساد في الأرض، فلا يأمن شرَّهم إلّا مَن كان مُختبئاً، ومُتحصّناً بالحصون، ومنهم عيسى -عليه السلام- ومجموعة من المؤمنين معه، فيشتدّ بلاؤهم على المؤمنين، فيتضرّعون إلى الله بالدعاء، فيُنجّيهم الله بإرسال دود تأكل رقاب يأجوج ومأجوج، فيموتون، ثمّ يبعث الله طيراً أعناقها طويلة، فتحمل أجسادهم إلى حيث يشاء الله -سبحانه.
من علامات الساعة الكبرى هدم الكعبة
هدم الكعبة من علامات اقتراب الساعة، وذلك من قِبل رجل من الحبشة يُدعى ب(ذي السُويقَتَين)؛ لصِغَر ساقَيه، ورقّتهما، قال رسول الله: (يُخَرِّبُ الكَعْبَةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنَ الحَبَشَةِ)، وقد وصفه بأنّه أسود مُتَباعد ما بين ساقَيه، يهدم الكعبة حجراً حجراً، لقوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (كَأَنِّي به أسْوَدَ أفْحَجَ، يَقْلَعُهَا حَجَرًا حَجَرًا)
خروج الدابة
خروج الدابة لقوله تعالى:«وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ» وقوله صلى الله عليه وسلم: «إن أول الآيات خروجًا طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة على الناس ضحًى، فأيتهما ما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على إثرها قريبًا» (رواه أحمد ومسلم وأبو داود).
من علامات الساعة طلوع الشمس من المغرب
طلوع الشمس من المغرب علامة ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع، قال تعالى: {يوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ}، وعند ظهور هذه العلامة يغلق باب التوبة وتُطفأ كل شهوات النفوس، فيؤمن الإنسان لأنّه عاين الأهوال كمن يُؤمن عند الغرغرة، وعدَّ ابن حجر أن طلوع الشمس من المغرب من أول علامات الساعة الكبرى السماوية.
الحشر
الحشر يخرج من أرض اليمن نار تسوق الناس إلى المحشر، وتعد آخر علامة من علامات الساعة الكبرى، وبها تبدأ أول علامة تؤول بقيام القيامة ويحشر الناس في بلاد الشام واختُلف في مكان الحشر، ذهب بعضهم؛ كالبيهقي والغزالي، أن الحشر ليس في الحياة الدنيا وإنما هو في الآخرة عند الخروج من القبور، وذهب جمهور العلماء إلى أنه في الدنيا وقبل قيام الساعة
الخسوفات الثلاثة
الخسوفات الثلاثة تُعَدّ لفظة (الخَسْف) مصدراً للفعل (خَسَفَ)، فَخَسَفَت الأرض؛ أي غارت بمَن عليها، وخَسَفَت به الأرض؛ أي اختفى بداخلها، ومن علامات الساعة الكُبرى حدوث ثلاثة خسوف في الأرض؛ لقول رسول الله: (إنَّهَا لَنْ تَقُومَ حتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ)، وذكر منها: (وَثَلَاثَةَ خُسُوفٍ: خَسْفٌ بالمَشْرِقِ، وَخَسْفٌ بالمَغْرِبِ، وَخَسْفٌ بجَزِيرَةِ العَرَبِ)، وهذه الخسوف الثلاثة ليست كغيرها ممّا يَحدُث الآن، فهي أعظم مكاناً وقدراً، وتكون في المشرق، وفي المغرب، وفي جزيرة العرب كما أخبر رسول الله.
النفخ في الصور
النفخ في الصور تعد هذه العلامة الفترة الفاصلة بين الحياة الدنيا والحياة الآخرة، يتم النفخ في الصور نفخة الخروج ويتم بها بعث الأموات من قبورهم، ونفخة ثانية بها يفزع الناس، ونفخة ثالثة يُصعق لها كل الناس ويموتون، والصور هو البوق، والقائم على ذلك الأمر هو المَلَك إسرافيل، وورد في الأثر أنّ النفخ في البوق يكون يوم جمعة. اقرأ أيضا:10 علامات تدل على ليلة القدر
خروج النار هي آخر علامات الساعة
خروج النار اتّفق العلماء على أنّ خروج النار هي آخر علامات الساعة الكُبرى؛ لقول رسول الله: (إنَّهَا لَنْ تَقُومَ حتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ) إلى أن قال: (وَآخِرُ ذلكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ اليَمَنِ، تَطْرُدُ النَّاسَ إلى مَحْشَرِهِمْ) .
ويُفهَم من حديث رسول الله أنّ هذه النار تَخرُج من اليمن، وتَسوق الناس إلى مَحشرهم وهو بلاد الشام؛ لقوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ستَخرُجُ نارٌ من حَضرموتَ أو من نحوِ بحرِ حضرموتَ قبلَ يومِ القيامةِ تَحشُرُ النَّاسَ قالوا: يا رسولَ اللَّهِ، فما تأمُرُنا؟ فقالَ: عليكُم بالشَّامِ). وهذه النار ليس الهدف منها إحراق الناس، وإنّما سَوقهم إلى مَحشرهم، فتبقى مُلازمة لهم ليلاً ونهاراً، تبيت معهم وترحل معهم، وتبقى هكذا حتى تَصل بهم إلى الشام.
وقد ورد ذلك عن رسول الله بقوله: (ويَحْشُرُ بَقِيَّتَهُمُ النَّارُ، تَقِيلُ معهُمْ حَيْثُ قالُوا، وتَبِيتُ معهُمْ حَيْثُ باتُوا، وتُصْبِحُ معهُمْ حَيْثُ أصْبَحُوا، وتُمْسِي معهُمْ حَيْثُ أمْسَوْا).