لقد أثار الصعود المفاجئ لتنظيم “داعش” الكثير من التساؤلات ولم يُقدم المحللين السياسيين سبباً واضحاً أو صريحاً حول نشأة التنظيم وسبب قوته، مما أدى لظهور ورواج العديد من نظريات المؤامرة لتملأ الفراغ الفكري لدى العامة.
وتدور أغرب هذه النظريات حول مدى أهمية تنظيم “داعش” لجميع الأطراف الإقليمية والدولية كافة مما يجعلنا نؤمن بأن القضاء عليه لا يصب في مصلحة أحد وبأن الحملة الدولية لمحاربته ما هي إلا حملة للإستهلاك الإعلامي فقط.
هذه اللائحة توضح أهمية هذا التنظيم لـ 10 أطراف إقليمية ودولية:
أهمية داعش للعراقيين السُنّة
لقد عانى العراقيون السُنّة على مدى الأعوام السابقة كثيراً تحت ظلم الحكومة المركزية الشيعية، لذلك وجدوا في تنظيم داعش من يخلصهم من هذا الظلم ويقف في وجه النظام الطائفي. ولقد أكد الكثير من المحللين العسكريين بأن معظم مقاتلي هذا التنظيم هم من العشائر العراقية السنّية، وبأن العشائر السنّية إما تقاتل مع التنظيم أو تستخدمه كورقة ضغط لإنتزاع حقوقها من الحكومة المركزية.
أهمية داعش للنظام السوري
ينظر النظام السوري لتنظيم داعش على أنه الورقة الأقوى بيده في وجه المعارضة، وتكمن أهميته في:
1) محاربة داعش للتنظيمات العسكرية المعارضة الأخرى كجبهة النصرة والجيش السوري الحر.
2) محاربة داعش للأكراد في الشمال السوري الذين باتوا يحلمون بتشكيل حكم فدرالي شبيه بكردستان العراق.
3) إظهار النظام السوري على أنه يُحارب الإرهاب وكسب التعاطف الدولي له، حتى أن بعض الدول الغربية باتت لا تطالب بتنحي الأسد كما كان في السابق.
ولقد قدم الإئتلاف الوطني السوري المعارض مذكرة توثق الشراكة بين تنظيم داعش وبين النظام السوري معتمداً على أدلة كثيرة كشهادات واعترافات بعض أسرى التنظيم، وعدم قصف النظام لمقرات داعش على الرغم من قيامه بقصف مناطق خاضعة للجيش الحر للتنظيمات المعارضة الأخرى.
أهمية داعش للحكومة العراقية
أثار الإنسحاب المفاجئ لقوات الجيش العراقي أمام تشكيلات تنظيم داعش في شمال وشرق العراق الكثير من التساؤلات مما أدى إلى بروز نظرية تآمر تتهم الحكومة العراقية بالتواطؤ مع هذا التنظيم. وقد أشار العديد من المحللين إلى إستخدام رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، ورقة داعش للضغط على معارضيه عندما شارفوا على الإطاحة به، وظهر للشعب العراقي على أنه هو الشخص الوحيد القادر على محاربة هذا التنظيم “الإرهابي” الذي يهدد العراق بأكمله.
أهمية داعش للأكراد
كانت ولا تزال السيطرة على مدينة كركوك الغنية بالنفط حلم الأكراد العراقيين، ولكن الحكومة العراقية عارضت هذه الخطوة طيلة الأعوام السابقة. ومع بروز تنظيم داعش وانهيار الجيش العراقي في المناطق الشمالية، أصبح من السهل على الأكراد السيطرة على هذه المدينة من دون أية معارضة تذكر من الحكومة العراقية. وقد أشار بعض المحللين السياسيين إلى أن الحكومة العراقية قد وافقت سرياً على تسليم كركوك للأكراد مقابل مساهمتهم في محاربة تنظيم داعش.
من ناحية أخرى، كانت تركيا تعارض أي عملية تسليح أو تدريب للقوات الكردية من قبل الغرب، ولكن بوجود تهديد داعش للمناطق الكردية، قامت معظم القوى الغربية بمد السلاح والعتاد للقوات الكردية.
أهمية داعش لإيران
تعاني إيران من عزلة دولية منذ سنوات طويلة بسبب برنامجها النووي وقد أدى ظهور تنظيم داعش إلى تخفيف هذه العزلة. ومن أهم فوائد هذا التنظيم لإيران:
1) تبرير هيمنتها على مفاصل الدولة العراقية وإيجاد غطاء شرعي لتدخلها العسكري عبر المشاركة في الحرب على تنظيم داعش.
2) إجبار الغرب على تقديم تنازلات في الملف النووي مقابل تعاونها في الحرب ضد تنظيم داعش.
3) مساعدة حليفها السوري عبر إثبات للعالم أجمع بأن النظام كان ولا يزال هو الضحية في الحرب الأهلية السورية.
أهمية داعش للنظام المصري
يمر النظام المصري الحالي بأزمات داخلية وإقتصادية وسياسية لا حصر لها منذ أحداث 30 يونيو، حتى أن شعبيته بدأت تتدهور بحسب آخر إستطلاعات للرأي. وكما تفعل الكثير من الأنظمة في العالم عند الوقوع في أزمات مشابهة، بدأ النظام المصري في البحث عن عدو وهمي يُرهِب به شعبه ويحوّل أنظاره عن الأزمات الداخلية، فبدأ بفزاعة الإخوان المسلمين، ثم انتقل إلى حركة حماس في غزة، وأخيراً وجد في تنظيم داعش العدو الأمثل. ويمكن تلخيص أهمية هذا التنظيم للنظام المصري في النقاط التالية:
1) تبرير قمع الحكومة للجماعات المسلحة في سيناء.
2) تبرير حصاره لقطاع غزة عبر إتهامه لحركة حماس بتهريب أسلحة ومقاتلين للمتشددين في سيناء وذلك بسبب تأييدهم للإخوان المسلمين.
3) تبرير تدخله في ليبيا بحجة ضرب الفرع الليبي لتنظيم داعش عبر دعم قوات حفتر ضد الإسلاميين، ومحاولته الدئوبة لحشد تحالف دولي لمساعدته في تلك المهمة.
4) صرف نظر الغرب عن الجرائم التي يرتكبها في حق المعارضين من الإخوان المسلمين والعلمانيين في مصر.
أهمية داعش للدول الأوروبية
تتمحور أهمية تنظيم داعش لدول الإتحاد الأوروبي حول ثلاثة نقاط رئيسية:
1) الإطاحة بالنظام السوري عبر إيجاد ميليشيا عسكرية متشددة قادرة على مواجهته.
2) إيجاد صيغة تمكنها من التدخل العسكري في سوريا بحجة محاربة الإرهاب بعد فشلها بإستصدار قرار من مجلس الأمن يشرع تدخلها العسكري ضد نظام الأسد.
3) التخلص من “الإرهابيين” والمتشددين الذين يعيشون على أراضيها عبر تصديرهم إلى منطقة الشرق الأوسط.
أهمية داعش لتركيا
أشار العديد من المحللين السياسيين إلى أن تركيا لها مصالح كثيرة في بقاء سيطرة داعش على أجزاء واسعة من سوريا والعراق، ومن أهمها:
1) محاربة داعش للأكراد، العدو التاريخي لتركيا في شمال العراق وسوريا.
2) محاربة داعش للنظام السوري الذي لطالما دعت تركيا لتشكيل تحالف دولي للإطاحة به عسكرياً.
3) محاربة داعش للحكومة والجيش العراقي الذي يغلب عليه الطابع الشيعي والذي قمع العرب السنّة في العراق.
4) شراء النفط المُهرّب من تنظيم داعش بأسعار مخفضة.
5) رواج تجارة وتهريب السلاح عبر أراضيها.
ومن بين الأدلة الكثيرة على هذه الأهمية هو ضبابية الموقف الرسمي التركي من تنظيم داعش وعدم مشاركتها في التحالف الدولي لضربه، حتى أن رئيس الاستخبارات الأميركية «جيمس كلابر» صرّح في فبراير 2015، بإن نحو 60% من مقاتلي داعش يدخلون عبر تركيا، وبإن الحرب ضد داعش ليست أولوية تركية.
أهمية داعش للولايات المتحدة الأمريكية
أشار العديد من المحللين إلى أن تنظيم داعش يُمثّل كنزاً استراتيجياً للولايات المتحدة الأمريكية ويرجع ذلك للأسباب التالية:
1) تبرير إعادة تدخلها العسكري في العراق عن طريق إجبار العراقيين للجوء إليها طلباً للمساعدة في محاربة تنظيم داعش والذي بات يهدد حتى العاصمة العراقية بغداد.
2) تبرير تدخلها عسكرياً في سوريا بحجة محاربة الإرهاب.
3) الإطاحة بالنظام السوري عبر إيجاد ميليشيا عسكرية متشددة قادرة على مواجهته.
4) ضرب المصالح الروسية في منطقة الشرق الأوسط من خلال إضعاف النظام السوري تماما كما حدث إبان الإحتلال السوفيتي السابق لأفغانستان.
5) إطالة أمد الصراع في سوريا عبر إستنزاف حلفائه الروس والإيرانيين.
6) التخلص من “الإرهابيين” والمتشددين الذين يعيشون على أراضيها عبر تصديرهم إلى منطقة الشرق الأوسط.
7) مساعدة إقتصادها عبر دعم تجارة السلاح في الشرق الأوسط.
أهمية داعش لإسرائيل
تُعتبر إسرائيل المستفيد الأكبر من بروز تنظيم داعش على الساحة الجيو-سياسية في الشرق الأوسط، ومن أهم فوائده لإسرائيل:
1) تحويل الأنظار الدولية بعيداً عن فشل المفواضات مع الفلسطينيين وتركيزها على “الإرهاب” الجديد الذي يهدد العالم بأسره.
2) محاولة تشبيه حركة حماس بتنظيم داعش لتبرير حروبها على قطاع غزة والإستمرار بحصاره.
3) بروز تحالف سري بين إسرائيل وبين الأنظمة العربية عبر خلق عدوٍ مشترك يهدد الطرفين.
4) تحويل إسرائيل من العدو الأول للدول العربية، إلى العدو الثاني بعد إيران، ثم إلى العدو الثالث بعد إيران و داعش، ثم إلى دولة حليفة في الحرب على الإرهاب.
5) جر حزب الله لحرب استنزاف طويلة الأمد تنهك قواه وتشتت انتباهه عن العدو الإسرائيلي.
6) كسب التعاطف الغربي عبر إظهار إسرائيل على انها الدولة الضعيفة في الشرق الأوسط والتي تحاصرها الجماعات “الإرهابية” من كل جانب.
7) تبرير أي تدخل عسكري لها في الشرق الأوسط.
8) تشويه صورة الإسلام في العالم الغربي وهو ما كان جلياً من الحملة الصهيونية على الإسلام في الإعلام الغربي وخصوصاً بعد هجمات شارلي إيبدو.
تعتبر داعش ذات أهمية قصوى بالنسبة لقطر والسعودية ولم يتم ذكرهما.