الامبراطورية البريطانية اشتهرت بتنفيذها لعمليات اجرامية مروعة أثناء الحروب، حيث ذبحت وقتلت الملايين من سكان الدول التي احتلتها في ما مضى، كما لعبت دورا محورياً في تجارة الرقيق. لذلك ليس من المستغرب أن تكون الانتفاضات التي واجهتها بريطانيا بدورها أكثر وحشية، فقد أظهر العديد من أولئك الذين تصدوا للأمبراطورية البريطانية قدرتهم على القيام بأعمال إنتقامية شديدة.
سنتعرف في مقال اليوم على أشد عشر عمليات إنتقام ضد الامبراطورية البريطانية في التاريخ:
مجزرة مدرسة إينوك براون
في 7 مايو 1763، قام تحالف قبائل الأمريكيين الأصليين بقيادة الرئيس “أوتاوا بونتياك” بهجوم ضد القوات البريطانية قرب مدينة ديترويت، وكانت هذه هي بداية حرب بونتياك التي تضمنت سلسلة من الحصارات والمعارك التي استمرت لمدة عام كامل.
وشملت الحرب مجزرة ثقب الشيطان Devil’s Hole والتي انتهت باستخدام البريطانيين لبطانيات الجدري لإرتكاب حرب بيولوجية ضد السكان الأصليين. وخلال هذه الحرب وعد حاكم بنسلفانيا “جون بين” بمنح جوائز لأي رجل أبيض يقطع فروة رؤوس الهنود الحمر. فقامت عصابات من المستوطنين بتنفيذ تعليماته بقتل وسلخ فروة رؤوس المواطنين الأصليين.
وفي 26 من يوليو 1764 انتقم المواطنين الأصليين منهم بتنفيذ أول مجزرة في إحدى مدارس ما سيصبح لاحقا الولايات المتحدة، حيث دخل ثلاثة محاربين إلى مبنى مدرسة المعلم “اينوك براون”، وقاموا بضرب المعلم تلاميذه الإحدى عشر حتى الموت و قطع فروات رؤوسهم. وبقي التلميذ “ارشي ماكولوغ” على قيد الحياة بعد أن تمت إزالة فروة رأسه على الرغم من إعتقاد المحاربين بأنه ميت عند مغادرتهم المكان.
ويوجد حاليا اسم “ماكولوغ” على النصب التذكاري الذي يقع في موقع المجزرة، وكذلك اسم المعلم “براون” و باقي التلاميذ.
بلاك هول كالكوتا
في يونيو 1756، استُعمرت مدينة كالكوتا من قبل قوات بنغالية بعد أن تغلبت على قوات الدفاع التابعة لشركة الهند الشرقية البريطانية، وتم القبض على المحافظ “جون زافانياه هولويل” إلى جانب العشرات من الأوروبيين، وفي يوم 20 يونيو تم حجزهم في زنزانة “بلاك هول كالكوتا”.
وكانت هذه الزنزانة قد استخدمت سابقا لاحتجاز العديد من الهنود من قبل القوات البريطانية حيث لقوا حتفهم فيها. وكان طولها يبلغ 5 أمتار وعرضها 4 أمتار وسقفها منخفض ولها نافذتين صغيرتين بقضبان حديدية متقاربة. وتُرك جون وبقية السجناء في الزنزانة لمدة ليلة واحدة، وأدى الضيق والعطش ونقص الأوكسجين وارتفاع الحرارة وعدم تلقيهم أي طعام أو ماء إلى وفاة معظمهم.
ولاحقاً صرح “هولويل” وهو من بين الناجين، بأن 143 سجينا دخلوا إلى الزنزانة، و خرج منها 23 واحد على قيد الحياة فقط ! فاستغل البريطانيين هذه الجريمة لنشر مدى بشاعة ووحشية الهنود وذلك لزيادة الدعم للحكم البريطاني في جميع أنحاء الهند. وبعد التدقيق في الأحداث تبين أن أقوال هولويل كانت مبالغة حيث كان على الأرجح نحو 64 أسير ونجى 23 شخص بعد قضاء ليلة بين جثث الآخرين.
حصار كانبور
كانت ثورة الهند في سنة 1857 إحدى أضخم الثورات خلال الحكم البريطاني، حيث بلغت ذروتها مع حصار كانبور. ولم يكن البريطانيون مستعدين لحصار طويل مما أدى الى استسلامهم وتمكن الثوار من أسر النساء والأطفال البريطانيين، في حين قُتل الجنود أثناء محاولتهم مغادرة المدينة. وقد نجا أربعة جنود فقط و من بينهم العقيد “موبراي طومسون”، الذي ألف كتاباً حول عملية الحصار ووصف فيه أوضاع النساء والأطفال بكونها سيئة للغاية لدرجة أن الآلام الحادة التي شعر بها سجناء بلاك هول كالكوتا لا تساوي شيئا مقارنة بما تعرضت له النساء والأطفال أثناء تلك الثورة. وأضاف أن 210 شخص احتجزوا في بيت واحد، وتم اعطائهم وجبة واحدة كل يوم، ولم يكن لديهم أي أثاث أو فراش. وأشار أيضاً إلى أن النساء لم يتعرضن للاغتصاب لأن المعاملة السيئة التي تعرضن لها جعلتهن يبدين قبيحات حسب قوله.
وبعد مرور شهر واقتراب التعزيزات البريطانية، قرر زعيم الثورة “نانا صاحب” قتل جميع الأسرى، ولكن معظم قواته رفضوا إطلاق النار على النساء والأطفال العزل. فقام بتكليف خمسة من رجاله الأكثر وحشية بهذه المهمة ودخلوا الى المنزل محملين بسكاكين طويلة، وقاموا بذبح الأسرى وإلقاء جثثهم في بئر قريب. بعدها حوّل الجنود البريطانيين مدينة كانبور إلى أرض معركة وحشية.
مجزرة جيمس تاون
وقعت مذبحة المستوطنين الإنجليز سنة 1622 في بلدة “جيمس تاون” في زمن كانت فيه العلاقة بين السكان الأصليين والمستوطنين جيدة. وفي صباح يوم الهجوم، جلب العديد من الهنود هدايا للبريطانيين المقيمين في جيمس تاون. ووفقا للتقارير، وفي أثناء تناولهم لإفطار مشترك قام الهنود بشكل جماعي بالإستيلاء على أي شيء يمكن استخدامه كسلاح وهاجموا الإنجليز بطريقة وحشية. وقد لقي أكثر من ربع سكان القرية أي ما مجموعه 347 شخص مصرعهم في هذا الهجوم. وبالإضافة إلى ذلك، قاموا بحرق المباني وقتل المواشي، وتشويه جثث الضحايا قبل فرارهم، و أخذوا معهم أربعين أسيرة. وأشارت تقارير أخرى صدرت في السنة التالية أن 19 من الأسرى تم الاتجار بهم. وبسبب هذه الأحداث قام الإنجليز في وقت لاحق بالانتقام من الهنود بطريقة وحشية.
مجزرة حظيرة Scullabogue و الامبراطورية البريطانية
لم يكن الحكم البريطاني لإيرلندا قط بدون معارضة، ففي سنة 1789 حدثت الإنتفاضة الإيرلندية والتي تعد من أعنف المواجهات بين القوميين البريطانيين والإيرلنديين. شملت مجزرة حظيرة Scullabogue. وقد وصفها اللورد السامي مستشار إيرلندا في خطاب بـ”الحدث الذي سيبقى وصمة عار دائمة للطبيعة البشرية”.
وقد وقعت المجزرة في 5 يونيو 1798، حيث أخذ الثوار ما يصل إلى 200 سجين من غير المقاتلين و الأسرى، بما في ذلك العديد من الأطفال إلى الحظيرة. ثم قاموا بإطلاق النار عليهم وطعنهم. وبعد اغلاق أبواب الحظيرة قاموا بإشعال النيران فيها مما أدى الى موت جميع من كان بداخلها إما اختناقا أو حرقا.
مذبحة جسر بورتاداون و الامبراطورية البريطانية
شهدت انتفاضة سنة 1641 قيام الإيرلندييين الكاثوليك بثورة وحشية ضد المستوطنين البروتستانت المقيمين على الجانب الآخر من البحر، وتراوح مجموع الضحايا خلال ذلك العاب بما بين 4،000 إلى 12،000 مستوطن، من أصل 40،000 مستوطن فقط.
أما أكبر عدد من القتلى فكان في نوفمبر 1941 في بورتاداون، حيث أجبر الكاثوليك المسلح 100 شخص معظمهم من الأطفال على النزول إلى نهر بان،و وصفت امرأة اسمها إليانور برايسِس الأحداث قائلة أن معظم الضحايا فقدوا حياتهم غرقا لأنهم لا يعرفون السباحة. حتى اولئك الذين استطاعوا السباحة إلى الشاطئ داسوا على أيديهم حتى غرقوا، أو أعدموهم تحت الماء بإطلاق الرصاص عليهم، ومن بين القتلى خمسة من أطفالها. اقرأ أيضا:10 حقائق مثيرة عن دولة روسيا
تعاسة تسعة رجال Nine Men’s Misery
توجد لوحة في ريف ولاية رود آيلاند كتب عليها “في هذا المكان، ذبح تسعة جنود تم أسرهم أثناء صراع بيرس من قبل الهنود و تم دفنهم في 26 مارس، 1676” ، بيرس المقصود في هذه العبارة هو الكابتن مايكل بيرس. كان يقود مجموعة من 80 رجال الميليشيات خلال الحرب مع الهنود الحمر المعروفة باسم حرب الملك فيليب.
وكان الكابتن بيرس وجنوده يتبعون مجموعة صغيرة من المواطنين المنهكين، غير أنه في الواقع تم استدراجهم إلى فخ حيث قتل كل رجاله تقريبا ، باستثناء 10 جنود تم أسرهم.
وقد سعى الهنود للثأر بوحشية من المستوطنين الإنجليز بعد كل المعاناة التي تعرضوا لها على أيديهم، ولم ينجوا منهم أحد، حيث تم العثور على جثث مقطوعة الرأس لتسعة رجال في وقت لاحق. وتبين أنهم تعرضوا للتعذيب وربما أزيلت بشرتهم وهم لا يزالون على قيد الحياة قبل أن يتم تقطيعهم إلى أجزاء، وقد سمي النصب التذكاري في موقع الحادثة بتعاسة تسعة رجال ،ويقال أن المنطقة مسكونة بصراخ المستوطنين أثناء تعذيبهم .
مذبحة شنيكتادي The Schenectady Massacre و الامبراطورية البريطانية
في 8 فبراير 1690، اتحد الهنود الحمر مع القوات الفرنسية-الكندية وقاموا بارتكاب غارة وحشية على مستوطنة للإنجليز في مدينة شنيكتادي. و قد قطع المهاجمين حوالي 500 كيلومترا (300 ميل) من خلال الثلوج في فصل الشتاء لتنفيذ العملية، وفعلوا كل ما في وسعهم حتى تنجح العملية.
و في الليل، أثناء نوم المستوطنين، أحاط حوالي 190 جندي من القوات بالمستوطنة، و وقف حوالي ستة أشخاص خارج كل مبنى حتى أعطيت لهم إشارة الدخول فهاجموا على الأسر القاطنة بالداخل وقاموا بقتلهم بطريقة عشوائية مع استهداف الرجال في المقام الأول. وبعد بضع ساعات، قتل 60 من المستوطنين الإنجليز، ما يقرب من نصف سكان المستوطنة، في حين ألقي القبض على البقية و تم نقل الرجال والفتيان كعبيد وأجبروا على السير للعودة إلى كندا.
و تركت النساء والفتيات مع الجثث و تم حراقهن و جميع مباني المستوطنة.
مذبحة فورت ويليام هنري و الامبراطورية البريطانية
في يوليو 1757، تمركزت حامية مكونة من 2000 جندي من القوات البريطانية في فورت ويليام هنري، وتمت محاصرة نيويورك، و كان عدد مهاجميهم يصل إلى عدة آلاف من الهنود والفرنسيين، ورغم قدرة البريطانيين على حصار المدينة غير أنه سرعان ما أصبح وضعهم سيئا، حيث وافق قائد الحصن على الاستسلام.
فعرضت عليهم القوات الفرنسية مجموعة من القواعد التي يجب عليهم الإلتزام بها لتفادي الحرب تجلت في خروج الرجال من الحصن ومنعهم من القتال لمدة 18 شهرا. فوافق البريطانيون وبدأوا يخرجون منه، ومع ذلك، لم يلتزم المحاربين الهنود بالقواعد حيث أراد محاربي قبيلة ابيناكي الدفاع عن أراضيهم المستعمرة من طرف القوات البريطانية بأقسى طريقة ممكنة. و بينما كان الأسرى يغادرون الحصن، بعد أن نزعوا أسلحتهم ، قام المحاربون بمهاجمتهم ولكون أغلبهم مرضى وجرحى تمت تصفيتهم بسهولة. كما قتل المحاربون نساء وأطفال الجنود الذين كانوا يعيشون في الحصن، وفي نهاية المطاف لم يستطع الفرنسيون وقف المذبحة إلا بعد مقتل 200 بريطاني.
مذبحة ممر خيبر
في سنة 1830 كان أكبر منافس لبريطانيا هي الإمبراطورية الروسية، وقد قال اللورد أوكلاند، الحاكم العام للهند أن أفغانستان منطقة استراتيجية رئيسية، و هذا الاعتقاد دفع بريطانيا إلى شن الحرب الأفغانية الأولى في عام 1840، والتي تعد واحدة من أسوء الحملات العسكرية التي قاموا بها.
و مع بداية عام 1842، بدأ البريطانيون بالاستسلام و كانت لديهم حامية في كابول و التي كانت تضم 4500 جندي، إلى جانب 12.000 من زوجاتهم وأطفالهم وخدمهم، وخوفا من الهزيمة تنازل البريطانيون للتفاوض مع أعدائهم الأفغانيين للمرور بأمان إلى الهند عبر ممر خيبر.
و تجاهل المحاربون الأفغان طلبهم و هجموا عليهم أثناء محاولتهم عبور ممر خيبر، مما أسفر عن مقتل عدة آلاف من الجنود وعائلاتهم، كما قاموا بتدمير قطارات التمديد البريطانية، و توفي العديد من المسافرين بسبب قضمة الصقيع، وحول 2000 شخص عادوا إلى كابول و تم بيعهم كعبيد، و كان الدكتور بريدون، الوحيد الذي بقي على قيد الحياة ورجع إلى هند من أصل الـ16.500 بريطاني.
المراجع/https://en.wikipedia.org/wiki/List_of_wars_involving_the_United_Kingdom