لقد عصفت عدة فضائح بالكنيسة الكاثوليكية على مر التاريخ بدءاً بِحَل تنظيم فرسان الهيكل وإنتهاءً بقضايا الإعتداء الجنسي على الأطفال. وعلى الرغم من المحاولات الدئوبة من قبل الكنيسة لطمس هذه الفضائح إلا أن كثير منها قد ظهر للعيان في الأعوام القليلة الماضية.
إليكم إذن قائمة بأكبر هذه الفضائح للكنيسة الكاثوليكية في العصر الحديث:
أكاذيب الأم تيريسا
على الرغم من أن الكنيسة الكاثوليكية قد أطلقت لقب القديسة على الأم تيريسا في عام 2003، إلا أنها أبعد ما يكون عن مرتبة القديسين. بدايةً، إسمها الحقيقي هو «أنجيزي بوجاكسيو» وليس الأم تيريسا كما يُعرف وقد وُلدت في ألبانيا، وبحسب الباحثين فقد رقّتها الكنيسة إلى مرتبة القديسين حتى تُلمّع صورة الفاتيكان.
لقد كانت الأم تيريسا تجامل الدكتاتور الهاييتي «جون كلود دوفاليير» وقد استلمت منه مبالغ مالية سُرقت من الفقراء الهاييتيين حيث كان يُعرف هذا الدكتاتور بنهب أموالهم وانفاقها على حياته الفارهة كما أنه عُرِف أيضا بتربحه من تجارة المخدرات والتجارة بأعضاء الهاييتيين الموتى.
ولقد صادقت الأم تيريسا أيضاً اللص «تشارز كيتينج» الذي أُدين بسرقة 3 مليار دولار من أموال دافعي الضرائب في الولايات المتحدة الأمريكية خلال الأزمة المالية التي ضربت في الثمانينيات من القرن الماضي. ولقد تبرع «تشارلز» بمبلغ 1.25 مليون دولار للأم تيريسا وأعارها طائرته الخاصة للسفر بها حول العالم. وقد رفضت الأم تيريسا إعادة الأموال الممنوحة لها من قبل «كيتينج» بعد إدانته بالمحاكم الفديرالية حتى أنها طلبت من إحدى المحاكم إلغاء الحكم عليه.
ومن بين المواقف المثيرة للجدل للأم تيريسا معارضتها للإجهاض حتى في حالات الإغتصاب وسفاح القربى. كما أنها دافعت بقوة عن قسيس يدعى «دونالد مكجواير» أدين بالإعتداء الجنسي على الأطفال وطالبت بتخفيف عقوبته، وحاولت إعادته للكنيسة كقسيس على الرغم من جرائمه البشعة.
أما الفضيحة الأكبر فكانت توقف الأم تيريسا عن الإيمان بالدين الذي فنت عمرها بخدمته، فقد ظهرت بعد وفاتها رسائل كُتِبَت من قِبَلها إلى الفاتيكان وصرحت بأنها توقفت عن الإيمان بدينها.
التحالف مع الإسلاميين المتشددين
في عام 1994، لجأت الكنيسة الكاثوليكية إلى التحالف مع الإسلاميين المتشددين في مواجهة مسودة قانون في الأمم المتحدة للحد من تزايد عدد السكان عبر إعطاء حقوق أكثر للمرأة. وقد لاقى هذا التحالف مع دول كليبيا وإيران، إنتقادات شديدة اللهجة من قبل الحكومات الغربية. وبالمقابل كانت الكنيسة تحاول إصلاح علاقات ليبيا مع الغرب بعد حادثة لوكربي والتي أودت بحياة 259 شخص.
جوزيف تيسو
لقد عُرِفت الكنيسة الكاثوليكية بتحالفها مع الفاشيين خلال الحرب العالمية الثانية وبالأخص مع «موسوليني» من خلال التوقيع على معاهدة «لاتيران». ولكن ما لا يعرفه الكثيرون هو أن الدكتاتور الفاشي «جوزيف تيسو» كان قسيساً كاثوليكياً.
لقد قاد الأب «تيسو» تياراً يمينياً متشدداً داخل الكنيسة الكاثوليكية وفي عام 1925 إنتُخِب عضواً في البرلمان السلوفاكي. وبعد اجتياح ألمانيا النازية في عام 1938، تحالف معهم مقابل بقائه في السلطة وأصبحت سلوفاكيا أول دولة تقوم بطرد اليهود إلى معسكرات النازيين في ألمانيا. وخلال حكمه كان 16 نائبا من البرلمان السلوفاكي قسيسين كاثوليكيين من أصل 63.
وعند الإطاحة به في عام 1942 عبر ثورة شعبية، أعلنت محطة «راديو فاتيكان» لمستمعيها بأن الأب «تيسو» قد تقاعد من منصبه كمونسنيور للفاتيكان. وبعد تحرير سلوفاكيا من قبضة النازيين، ألقى الجنود الأمريكيون القبض عليه في عام 1945 وتم شنقه بتهمة الخيانة في عام 1947.
سياسات العزل من الكنيسة الكاثوليكية
في عام 2009 تعرضت الكنيسة الكاثوليكية في البرازيل لإنتقادات واسعة لمعاقبتها لطفلة قامت بعملية إجهاض بعد تعرضها لجريمة إغتصاب. ولم تستطع الكنيسة عزل الفتاة نظراً لصغر سنها ولكنها قامت بعزل والدتها بالإضافة للأطباء الذين أجروا لها عملية الإجهاض.
وفي واقع الأمر فإن الكنيسة الكاثوليكية تعارض الإجهاض بشدة لدرجة أن الفتاة التي تقوم بهذا الفعل يجب عزلها أوحتى إعدامها في بعض الحالات.
ولكن الكنيسة لم تقم بعزل المجرم الذي اغتصب الفتاة مما إعتُبِر فضيحة للكنيسة في ذلك الوقت. فالكنيسة الكاثوليكية بحسب عقيدتها لا تعتبر بأن جريمة الإغتصاب تستحق العزل كما أنها لا تعتبر الإعتداء الجنسي على الأطفال من الجرائم التي تستحق العزل أيضاً.
ومن المفارقات الأخرى في سياسات العزل من قبل الكنيسة الكاثوليكية هو موقفها من الكهنة النازيين الذين اقترفوا جرائم ضد الإنسانية، فهي لم تقم بعزلهم أبداً على الرغم من الجرائم التي ارتكبوها. ولم تعزل إلا قسيساً نازياً واحداً فقط يدعى «جوزيف جويبلز»، ولكن ليس لمشاركته بجرائم ضد الإنسانية، بل بسبب زواجه من مطلقة بروتستانية !
المحرقة الكرواتية
برز العديد من معسكرات الإعتقال في دول كثيرة كيغوسلافيا خلال الحرب العالمية الثانية وكانت تحت الإشراف المباشر للكهنة الكاثوليك. وقد بدأت القصة في عام 1941، عندما احتلت دول المحور يغوسلافيا وقامت بإنشاء حكومة فاشية بقيادة الدكتاتور «أنتي بافيليك» الذي اشتهر بعنصريته وتشدده الديني.
وبعد توليه قيادة يغوسلافيا، قام رئيس الأساقفة الكاثوليك «ألويسيوس ستيبانيك» بإعداد وليمة على شرف الدكتاتور «بافيليك» وأطلق عليه لقب «يد الرب»، حتى أن البابا «بيوس» الثاني عشر استقبل الدكتاتور «بافيليك» شخصياً. وعلى الرغم من قيام «بافيليك» بإعدام مئات الصرب داخل كنيسة أرثودوكسية قبل أربعة أيام فقط من لقاء البابا، إلا أن البابا أصر على إستقباله معارضاً نصائح الدبلوماسيين اليغوسلاف.
ولقد خدم الكهنة الكاثوليك في كرواتيا مع الدكتاتور «بافيليك» وساعدوه في إقامة معسكرات الإعتقال في جميع أنحاء البلاد وقاموا بقتل 800 ألف شخص من الصرب واليهود والغجر والمعارضين السياسيين. وفي معسكر «جازينوفاك» فاز القس الكاثوليكي «بيتار فرزيكا» بمسابقة حيث قام بذبح 1،350 شخص في ليلة واحدة !
ولم تكن المجازر ترتكب في معسكرات الإعتقال فحسب، بل كان المجرمون يُغيرون على القرى ليلاً بالأسلحة البيضاء. وفي عام 1942، قامت عصابة بقيادة قس كاثوليكي بقتل 2،300 صربي من قرية واحدة. وقد روى أحد الناجين كيف قاموا بذبح الأطفال وإلقاء رؤوسهم بأحضان أمهاتهم، وكيف إغتصبوا الفتيات الصغار أمام أعين ذويهم.
وكان يتم كل ذلك على مرئى من الكنيسة الكاثوليكية التي لم تُدِن أي من هذه الأعمال الوحشية. وبعد انتهاء الحرب، أُدين رئيس الأساقفة «ألويسيوس ستيبانيك» بتهم تتعلق بجرائم ضد الإنسانية وأودع السجن. ولكن الحكومة اليغوسلافية أطلقت سراحه بعد تعرضها لضغوط من قِبَل الفاتيكان، وعُيّن «ألويسيوس ستيبانيك» كاردينال في الكنيسة من قبل البابا «بيوس» الثاني عشر. وفي عام 1998، قام البابا «جون بول الثاني» بتطويبه أيضا.
سن الرشد
إشتهرت الكنيسة الكاثوليكية بجرائم الإعتداء على الأطفال من قبل كهنتها، ولكن الغريب في الأمر أن الإعتداء على الأطفال لم يكن يُعد جريمة في مدينة الفاتيكان وذلك بسبب تحديد سن الرشد بـ 12 سنة. وهذا العمر المبكر لسن الرشد أدى إلى قيام الكهنة بإستغلال الأطفال جنسياً بحجة أنهم بالغين. حتى أن الكنيسة إعتبرت بأن المشكلة الأساسية تكمن في الشذوذ الجنسي لكهنتها وليس بالإعتداء على الأطفال.
وبسبب تلك الفضائح المتتالية قام البابا «فرانسيس» في يوليو من عام 2013 برفع سن الرشد إلى 18 عاماً ولكن بعض الدول كالفلبين والمكسيك وأنجولا وزيمبابوي يُصرون إلى يومنا هذا على تحديده بـ 12 عاما عملاً بتعاليم الفاتيكان.
تشجيع تجارة العاج الغير قانونية
تُعتبر تجارة العاج من أفظع الممارسات في حق الحيوانات في قارة إفريقيا، فهناك العديد من العصابات التي تقوم بقتل الفيلة وبيع أنيابها بطريقة غير قانونية. وللحد من تلك الممارسات، قامت 180 دولة بالتوقيع على معاهدة التجارة الدولية لحماية الكائنات المهددة بالإنقراض.
ولكن الفاتيكان كانت هي الدولة الوحيدة التي رفضت التوقيع على هذه المعاهدة، وذلك بسبب شرائها لكميات كبيرة من العاج لصناعة تماثيلها وصلبانها المزخرفة.
غسيل الأموال والتهرب من دفع الضرائب
يُعرف بنك الفاتيكان بقلة موارده ولكن ليس بسبب ضعف المتبرعين إنما بسبب الفساد الإداري في هيكليته. ففي عام 2013، أدين مدير البنك ونائبه وكبير المحاسبين لديه بتهم تتعلق بعمليات غسيل أموال واسعة النطاق. وقد زعمت الشرطة الإيطالية بأن بنك الفاتيكان كان يُدير أموال المافيات والشركات والسياسيين الفاسدين بشكل سري، حتى أنه استخدم موارده لتقديم رشاوى إلى الأحزاب السياسية.
ومن الأمثلة الكثيرة على العلاقة القوية بين الفاتيكان والمافيا الإيطالية هو قبول الفاتيكان بدفن أحد أشهر قادة المافيات الإيطالية في مدافنها إلى جوار قبور الكهنة مقابل مبلغ مليار ليرة.
الإبادة الجماعية في رواندا
لقد قُتِل أكثر من 800 ألف شخص في رواندا من أفراد قبيلتي التوتسي والهوتو خلال أربعة أشهر فقط من عام 1994. وبعد وقف سفك الدماء قام العالم أجمع بالبحث عن الجناة لتقديمهم إلى العدالة، ولكن معظمهم اختفوا.
ففي خلال الحرب كانت الكنيسة الكاثوليكية تُعد أقوى مؤسسة إجتماعية في رواندا وكان المسيحيون الكاثوليك يشكلون 70 بالمئة من سكان رواندا. وقد اتهمت عدة منظمات حقوقية الكنيسة الكاثوليكية بتشجيع عمليات الإبادة والمشاركة بها والتستر على المتورطين بها ومساعدتهم على الفرار من العدالة إلى دول أوروبية وتحديداً إلى إيطاليا حيث تتميز الكنيسة بنفوذها القوي.
ومن هؤلاء المجرمين شخص يُدعى الأب «أثاناسي سيرومبا». ففي خلال الحرب طلب الأب «سيرومبا» من 2000 شخص من قبيلة التوتسي باللجوء إلى كنيسته، وفي 6 إبريل من عام 1994 أمر «سيرومبا» بهدم الكنيسة على التوتسيين وهم بداخلها ثم قام هو ومعاونوه بإطلاق النار على من بقي حياً منهم.
وقد تم تهريب الأب «سيرومبا» إلى إيطاليا حيث استمر بالعمل لدى الكنيسة الكاثوليكية مستخدماً إسماً مستعاراً حتى عام 2002 عندما اعتُقِل من قبل محققين تابعين لمحكمة الجنايات الدولية. وقد زعم كبير المحققين بأن الفاتيكان رفض ترحيل الأب «سيرومبا» لمواجهة العدالة بحجة قيامه بأعمال خيرية في إيطاليا.
الإخصاء القسري للأولاد، افظع فضائح الكنيسة الكاثوليكية
«كاستراتو» هو مصطلح يُطلق على الغِناء الكلاسيكي الذي يُؤديه الرجال بطبقات عالية والذي تستطيع النساء فقط تأديته بشكل صحيح. ولتأدية هذا الغناء بهذه الطبقات العالية من قبل الرجال يجب خصيهم قبل بلوغهم سن المراهقة. وقد يتسائل البعض عن سبب منع النساء من الغناء في الكنيسة بدلاّ من خصي الأولاد. يكمن الجواب في أن الكنيسة الكاثوليكية اعتمدت على آية من الإنجيل تفرض الصمت على النساء وهم داخل الكنيسة.
وفي عام 1902، أصدرت الكنيسة الكاثوليكية مرسوماً يمنع ممارسة خصي الأولاد داخل كنيسة «السيستين»، إلا أن الفاتيكان استمر بهذه الممارسات حتى عام 1959.
وفي عام 2001، كُشِفَ النقاب عن قيام الكنيسة الكاثوليكية بتشجيع عمليات خصي الأولاد حتى يحافظوا على قدرتهم على الغناء بطبقات عالية.
ولكن بعض المؤرخين أرجعوا ممارسات الخصي إلى أسباب أخرى. ففي عام 2012، نُشِر بأن الكنيسة الكاثوليكية في هولندا كانت تقوم بخصي الأولاد الذين كانوا على وشك إخبار الشرطة بأنهم قد تعرضوا لإعتدائات جنسية من قبل الكهنة.
ولقد قام الصحافي الهولندي «جويب دوهمان» بإكتشاف قصة طفل في المدرسة الكاثوليكية وقد تعرض للإغتصاب من قبل كاهن هولندي. وعندما أخبر الطفل الشرطة الهولندية في عام 1956، اتهمته الكنيسة بأنه شاذ جنسي وقامت بوضعه بمصح نفسي تابع للكنيسة وأجرت له عملية خصي قسرية.